ملموس على أرض الواقع.
لذلك كان الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام يعيشون في وسط الناس ، ويتفاعلون معهم ، ولم يكونوا منعزلين على قمم الجبال ، أو في الكهوف والمغارات ، ولا كانوا يتعالون ويترفّعون عن الناس في أبراج عاجية.
ومهما كان مستوى المجتمع من حيث التخلّف والجهل ، أو من حيث طغيان أجواء الفساد والانحراف ، فإنّ ذلك لا يبرّر الهروب والعزوف عن الناس لدى المصلحين الإلهيين.
ويبقى صحيحاً أنّ مخالطة الناس وهم يعيشون حالة الجهل والتخلّف ، أو يخضعون لأجواء الفساد والانحراف ، قد تسبّب الكثير من الأذى والمعاناة للرجال الإلهيين ، لكنّ ذلك هو طريق التغيير والإصلاح ، كما أنّه وسيلة لنيل ثواب الله ورضوانه.
والإمام الحسين عليهالسلام نشأ من بداية حياته الشريفة في عمق الشأن الاجتماعي وفي صميم الأحداث ؛ وذلك لأنّ جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله كان قطب رحى المجتمع وقائده الأعلى ، وكان أبوه أمير المؤمنين علي عليهالسلام وزير النبي ووصيه وساعده الأيمن ، بل كان نفسه بنصِّ آية المباهلة (١).
وأمّا أُمّه فاطمة الزهراء عليهاالسلام سيدة نساء العالمين ، ذات الشأن العالي والمكان المرموق في الدين والدنيا ، لا سيما مكانها في قلب أبيها رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فهي بضعته وقلبه وأُمّ أبيها.
__________________
١ ـ أحاديث في الدين والثقافة والاجتماع ١ ص ٩١.