من ثقل عظيم من نساء وأطفال وبنات آل رسول الله صلىاللهعليهوآله؟!
يسقيهم ليُقوِّيهم ، ويعطِّشونه ليقتلوه! فوا عجباً ماذا يصنع الإيمان والكفر بالإنسان؟!
فهذا السلاح الدنيء الخسيس ورثه جيش ابن سعد الأموي من جدّهم معاوية بن أبي سفيان ، حين حاول منع جيش الإمام علي عليهالسلام من شرب الماء في موقعة صفين الشهيرة ، ولم يسقوهم إلاّ عنوة وبحدّ السيف ، وبمعركة شنيعة انتصر فيها جيش الإمام علي عليهالسلام على أصحاب معاوية وجلوهم عن الفرات ومنعوهم منه بالقوّة والقهر.
ولو منعوهم نهائياً من الماء لأنصفوهم ؛ لأنّهم أوّل مَنْ بدأ بالإساءة والخساسة ، ودفع الشرّ بالشرّ ممكن ، ولكنّ مناقب الإمام علي عليهالسلام وأخلاقه الإيمانية الرائعة أبت عليه أن يُقابل الشرّ إلاّ بالخير ، والسيئة إلاّ بالحسنة ، والضلال إلاّ بالهُدى ، وعندما قال له أصحابه : نمنعهم من الماء يا أمير المؤمنين كما منعوك ومنعونا ، فلا حاجة لنا إلى الحرب.
أبى ذلك وقال عليهالسلام : (دعوهم والماء ، فليشربوا وليغسِّلوا وليتوضؤوا ، وما لكم إلاّ السيف وساحة المعركة رجالاً نقاتل رجالاً ، فاتركوا القوم والماء لنا ولهم على حدِّ سواء). وأمّا معاوية وأصحابه فإنّهم قالوا عندما احتلّوا شطّ الفرات : (لا والله ، لا ندعهم يشربون حتّى يموتوا عطشاً) (١).
__________________
١ ـ يراجع مروج الذهب ـ للمسعودي (صفين) ، وتاريخ الأُمم والملوك ـ للطبري ، وشرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ٣ ص ٣١٨ ، و ١٠ ص ٢٥٧ ، وينابيع المودّة ـ للقندوزي باب ٥١.