الإنسان هو الإنسان في كلّ زمان ومكان ، منذ آدم الأوّل عليهالسلام وحتى آخر نسمة تطأ وجه هذه الأرض ، وهو الغاية وله النهاية.
والإنسان يجب أن ينطلق من إنسانيته التي تميّزه عن الحيوانيّة التي تشمله ، ولولا العقل والإرادة وإمكانيّة التعلّم والتمييز بين الحسن والقبيح ، أو الخير والشرّ ، لكان شأنه شأن أيّ حيوان يسرح ويمرح في المكان والزمان الذي يولد فيه.
فإنسانيّة الإنسان هي لبّه وأصله وجوهره الذي يعوّل عليه دائماً وأبداً عند التعامل معه ؛ ولذا فإنّ غاية الشرائع السماويّة ، والرسالات الإلهيّة ، وحتى القوانين الوضعيّة ، والدساتير الحكوميّة ، هي الحفاظ على كرامة الإنسان ، على إنسانيّة الإنسان ، لتبقى في الحفظ والصوَّن ، والدفاع عنها ضدّ العوادي الخارجيّة.
والله سبحانه علّمنا هذا ، وأكّد عليه في كتابه حين قال : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (١). والرُّسل والأنبياء عليهمالسلام جاؤوا جميعاً لهذه الغاية المقدّسة ؛ ولذا
__________________
١ ـ سورة الإسراء : الآية ٧٠.