ـ مدرسة اختصَّ بها أبو الأحرار الإمام الحسين الشهيد عليهالسلام ، وهذه في الحقيقة خلاصة كلّ المدارس السّابقة ؛ لأنّ الإمام الحسين عليهالسلام هو الذي جمع القسط الأكبر من كلّ مَنْ سبقه جدّه وأبويه وأخيه عليهمالسلام ، ثمّ نفسه القدّوسيّة ، وعقله العملاق ، واجتهاده المعصوم ، فكان منه ما أبهر العقول والألباب.
تأمّل أيّها القارئ الكريم ، كيف كان تعامل الإمام الحسين عليهالسلام مع آل بيته وأصحابه وأعدائه ؛ فإنّه يعكس أخلاق الإنساني الرسالي الكبير الذي ولِد وترعرع في بيت النبوّة ومهبط الوحي ، ذلك البيت الذي اختصّه الله بأمور لم يختصّ بها بيتاً غيره. لقد أراد الله أن يكون البيت الذي تتطلّع إليه الأُمّة دائماً عبر مسيرتها الطويلة ليكون قدوة دائمة ، وإذا أراد الله أن تكون أخلاق هذه الصفوة قدوة دائماً للناس على مرِّ العصور ، فإنّه جعل في كلّ جانب من جوانب سلوكها وتصرفاتها مصدر إشعاع ورفد دائمي لأخلاق الإسلام ، وتربيته التي أرداها أن تستوعب الحياة بكلّ متغيّراتها ، وتنسجم معها وتطوّرها إلى آفاق الإسلام الواسعة التي جعلته مؤهّلاً للبقاء دائماً ، وقادراً على قيادة البشريّة والأخذ بيدها إلى ساحل الأمان والخير والعدل والسعادة.
والإمام الحسين عليهالسلام أثبت بسلوكه الرسالي ، وأخلاق رسول الله صلىاللهعليهوآله التي حملها معه دائماً ، والتزم بها طيلة حياته الشريفة وحتى آخر لحظة منها ، أنّه كان حقّاً ممثّل الرسالة ، والوريث الشرعي لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، حتّى صار الإسلام نفسه بكلّ قيمه ومبادئه العظيمة الخيِّرة ، حتّى اعترف له بذلك عدوّه اللدود معاوية بن أبي سفيان أمام ابنه يزيد وجمع من أعوانه ومريديه ، حين طلبوا منه أن يبيّن عيباً للحسين بن علي فقال : (وما عسيت أن أعيب حسيناً ، وما أرى للعيب فيه