فبلغ رسول الله صلىاللهعليهوآله قولهم : فقال : «سلمان منّا أهل البيت». ولقد كان يومئذٍ يعمل عمل عشر رجال (١) ، وأصبح سلمان فيما بعد والياً على المدائن عاصمة الأكاسرة.
ومن الحبشة كان (بلال بن رباح الحبشي) الذي يقول عن نفسه : (إنّما أنا حبشي ، كنت بالأمس عبداً) أخذ موقعاً خالداً ، في ذاكرة التاريخ الإسلامي حتّى أصبح المؤذّن الرسمي للصلاة بعد تشريع الأذان.
وكم كان صعباً على رجال قريش أن يروا بلال العبد الأسود الحبشي وهو يصعد على الكعبة ؛ ليؤذّن بعد فتح مكة ، وهذه هي عالمّية الإسلام وإنسانيّته التي لا تفرّق بين الناس على أساس أعراقهم وقوميّاتهم.
ومن الروم كان (صُهيب الرومي) الذي قال فيه عُتاة قريش : أتيتنا صعلوكاً فقيراً ، فكثر مالك عندنا ، وبلغت بيننا ما بلغت ، والآن تنطلق بنفسك وبمالك (٢).
ونهاية البحث ننقل لكم ما قاله محمد أبو زهرة عن (التنوّع في المذاهب).
يقول : قال ـ يعني أبو حنيفة ـ لي أبو جعفر المنصور : يا أبا حنيفة ، إنّ الناس قد فُتنوا بجعفر بن محمد ، فهيئ له من المسائل الشداد. فهيّأت له أربعين مسألة.
ويقول أبو حنيفة في لقائه بالإمام الصادق عليهالسلام بالحيرة في حضرة المنصور : أتيته فدخلت عليه وجعفر بن محمد جالس عن يمينه ، فلمّا بصرت به دخلتني من
__________________
١ ـ الواقدي في كتاب المغازي ٢ ص ٤٤٦.
٢ ـ كتاب الإجابة في تمييز الصحابة ـ لابن حجر العسقلاني ٣ ص ٤٥١.