الحقوق ما داموا مسالمين لم يبدؤوا المسلمين بعدوان ، يقول الباري (عزّ وجلّ) : (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (١).
وما الأحلاف والمعاهدات السلميّة التي عقدها رسول الله صلىاللهعليهوآله مع قبائل اليهود ، وتجمعات النصارى ، وفئات المشركين من العرب ، إلاّ نموذج لما يريده الإسلام من قيام علاقات إنسانيّة إيجابيّة بين المختلفين من أجل تعايش مشترك.
ويسجّل التاريخ للمسلمين حرصهم على الالتزام بتلك المعاهدات ، وتقيدهم بحسن التعامل والوفاء بالعهود ، طبقاً لتعاليم الإسلام الموجبة لذلك ، يقول تعالى : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) (٢) ، (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا) (٣).
فالإسلام ليس ديناً رقيّاً ولا قوميّاً ولا قبليّاً ، بل كما خاطب الله نبيّه محمداً صلىاللهعليهوآله : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) (٤) ، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) (٥).
وحتى الذين يرفضون استلام رسالة الله إليهم ، ولا يتوفّقون لدخول الإسلام كدين يدينون به ، إلاّ أنّهم لا يُحرمون أبداً من التفيؤ بظلال الإسلام
__________________
١ ـ سورة الممتحنة : الآية ٨.
٢ ـ سورة الإسراء : الآية ٣٤.
٣ ـ سورة البقرة : الآية ١٧٧.
٤ ـ سورة سبأ : الآية ٢٨.
٥ ـ سورة الأعراف : الآية ١٥٨.