الأطراف بانتهاك حقوقه ، أو التعدّي على مصالحه من قبل طرف آخر فلن تتوفّر حينئذٍ أجواء التعايش ، وما يحصل غالباً من تنازع وصراع بين الجهات المتنوّعة في المجتمع إنّما هو بسبب طغيان وتعدّي فئة على حقوق ومصالح فئة أُخرى ، والفئة المضطهدة حتّى إن كانت أقلّية أو ضعيفة إلاّ أنّ شعورها بالغبن والظلامة يمنعها من التفاعل الإيجابي مع بقيّة الفئات ، بل يدفعها إلى التفكير في الثأر والانتقام.
ولذلك يشدّد القرآن الحكيم على لزوم رعاية حقوق الآخرين ، وعدم الاعتداء على المخالفين ، يقول تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (١).
ثانياً : الاحترام المتبادل : فالإنسانيّة جوهرٌ واحد مشترك عند أبناء البشر ، فعليهم أن يحترموا إنسانيّتهم باحترام بعضهم البعض ، وحتى إذا ما اختلفت اتّجاهاتهم لكنّهم نظراء ومتساوون في إنسانيّتهم ، وكما يقول الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام : «فإنّهم ـ يعني الناس ـ صِنفان ؛ إمّا أخٌ لك في الدّين ، أو نظيرٌ لك في الخلْق» (٢).
ويشجّع القرآن العظيم المسلمين على حُسن التعامل مع المخالفين لهم في الدين ، وإن يتواصلوا معهم على أساس الإحسان والاحترام ، وحفظ
__________________
١ ـ سورة المائدة : الآية ٨.
٢ ـ نهج البلاغة ص كتاب رقم ٥٣.