والأجسام بأنّها
كالأوعية ، كلّ يتّسع بقدره ، ولا يمكن أن يتّسع أكثر مهما حاولت أن تفعل ، وبهذا
قال رسول الإنسانيّة محمد (صلوات الله عليه وآله) : «إنّا معاشر الأنبياء أُمرنا
أن نكلّم الناس على قدر عقولهم» .
والكلام إذن عن الإمام الحسين عليهالسلام هو بهذا اللحاظ
النوراني ؛ لأنّنا لسنا أمام شخصيّة عاديّة ، بل نحن على شاطئ بحر محيط من الفضائل
وحسن الشمائل ، منه نجمع بعض الدُّرر واللآلئ الحسان ، متنزّهين في الجزر
المرجانيّة العجيبة الأشكال والألوان.
أو أنّنا ندخل جنّة أو بستاناً عظيماً
في فصل الربيع ، نبحث عن أشياء غائبة عنّا ، فأينما توجّهت رأيت عجباً ، من حسن
الربيع وأصوات خرير الينابيع ، تدور وتقطف باقات من الزهور الأخلاقيّة المتنوّعة
من جنّة المولى أبي عبد الله الحسين (عليه صلوات المصلّين).
أقول : نقطف باقة أو طاقة من الزهور ؛ لأنّنا
عاجزون عن الإحاطة بكلّ ذاك الربيع الفيّاض بالحسن والكمال ، والذي لا يدرك كلّه
لا يترك جلّه ، فتخيّرت عبقات أخلاقيّة ؛ لتكون إشارة لذاك البستان العظيم ، لتلك
الجنّة الوارفة.
فنستفيد بالباقة التنوّعَ وجمالَه ، واختلافَ
أشكاله ، والأريجَ وتضوُّعَ عبقه في الأرجاء ، والألوانَ واختلافاتها وأطيافَها
الساحرة ؛ لأنّ لكلّ زهرة لونها وعبقها ، وشكلها الخاص المميّز.
__________________