مرّة لأداء فريضة الحجّ ومندوب الزيارة. فهي إذن رحلة العمر التي لن تتكرّر بالنسبة لهم ، فهم إذن غرباء والغريب جاهل بالأرض والسّكان ، والعادات والتقاليد ، فهذا ما يزيد من غربته ، ولكنّ الواجب يهدم بعض تلك الوحشة ، وهيبة المكان وروحانيّة الزمان تضيفان الكثير من مظاهر الودّ والألفة بين الإخوة الحجّاج.
وهكذا فهم أوّل مرّة يدخلون المدنية المنوّرة ، ويرون الروضة المباركة والقبر الشريف والقبّة المنيرة ، فيرجعون إلى التاريخ ويتذكّرون ما تعلّموه وحفظوه عن ظهر قلب. بل ربما هو محفور في حنايا القلب ، لا سيما وصف رسول الله وأهل بيته (صلوات الله وسلامه عليهم) ، فترى أعينهم تفيض من الدمع شوقاً إلى الحبيب المصطفى صلىاللهعليهوآله.
وكذا الحال بالنسبة إلى مكة المكرّمة حيث البيت العتيق ، ومسقط رأس الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وآثار الرسالة والرسول تراها ماثلة للعيان ، لا سيما التي لم تستطع يد الهدم الوهابيّة تخريبها ، وتتذكر تلك العهود الغابرة ، والأحداث الماضية وتسترجع في ذهنك حياة رسول الإسلام صلىاللهعليهوآله والمسلمين الأوئل.
فكلّ خطوة ، وكلّ لمحة ، وكلّ شيء يذكّرك بمقدّساتك ودينك ، وقرآنك العظيم والحروب والغزوات ، وتسأل نفسك كم لاقى وعانى رسول الله صلىاللهعليهوآله ؛ لتبليغ الرسالة وإنقاذ البشر من الضلال وظلماته؟
ولذا ترى الحاجّ إذا ما وصل به المقام إلى أمام قبر النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وربما قبل ذلك بكثير ، فإنّه يقف بخشوع ومهابة وكأنّه في حضرته المباركة ، وتجري الدموع على خدّيه باكياً منتحباً على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهكذا عند قبور الأئمّة