للأخلاق.
والفلسفة الأخلاقيّة المجرّدة لا نريدها ؛ لأنّنا لا نستفيد منها في حياتنا إلاّ إذا اتّخذناها منهجاً عملياً نسير بهداها ، ونطبّق حروفها وحدودها على حياتنا اليومية ، تلك المفردات والمفاهيم التي عجز عن تطبيقها كاملاً إلاّ الأشخاص الكاملون في شخصياتهم الإنسانيّة.
فالشخص الكامل : هو الذي يتحوّل من وجود شخصي إلى شعار إنساني ؛ لأنّه يتجرّد من ذاته للحقّ ولوجه الحقّ الذي يمثّله ، فيكون ممثلاً للحقّ ومحوراً له في حياته كلّها ، كما قال الرسول الأعظم محمد صلىاللهعليهوآله للإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام في أكثر من موقع ، وحديث : «علي مع الحقّ والحقّ مع علي يدور معه حيثما دار» (١).
فالإمام علي عليهالسلام صار محوراً للحقّ يدور معه أينما توجّه وحيثما حلَّ ، فمثل هذه الشهادة المباركة من رمز الإنسانيّة الأوّل ، وأعظم شخصية عرفتها البشرية عبر العصور ، بحقّ خليفته ووصيّه والإمام القائد للأُمّة من بعده ، تعطينا إشارات نورانيّة ، وحالات قدسيّة تُحيط بتلك الشخصيات الاستثنائية ، فتُضفي عليهم وعلى حياة الأُمّة كلّها رونقاً خاصّاً.
فالإمام بعد الرسول : هو الشخص الكامل في الأُمّة الإسلاميّة ، وهو قمّة القيم الفاضلة العالية للأُمّة. وبالتالي : هو الراية الخفّاقة العالية التي تتّخذها الأُمّة شعاراً للهداية والرشاد والنورانيّة ، ولا يمكن أن تكون إلاّ متفرّدة شامخة لا
__________________
١ ـ ينابيع المودة ص ٦٥ ب٧ ، الإمامة والسياسة ١ ص ٧٣ ، كنز العمال ١١ ص ٦٤٢ ، الترمذي في الجامع ٥ ص ٥٩٢ ح٣٧١٤.