أخي الكريم ، عندما تريد أن تتحدّث عن مسألة فلا بدَّ لك من الإحاطة العلمية بها ، وإلاّ فإنّ اللوم سوف يُطالك من حيث لا تدري ، وكذلك أي قضية من القضايا تريد أن تدرسها فلا شك في أنّك يجب أن تستغرقها بحثاً من جميع نواحيها ؛ لكي لا يكون بدراستك نقص ، وفي بحثك مغمز.
وهكذا الأشخاص ، فأيّ شخصيةٍ تريد أن تتناولها بالبحث ، عليك أن تستهلكها بذاتك حتّى تتقمّصها إن استطعت ، أو لا أقل الإحاطة بالظروف الاجتماعية والحياتية زماناً ومكاناً وملابساتٍ ؛ حتّى تُعطي الشخصية حقّها منك بحثاً وفكراً ومجهوداً.
فالأخلاق : بحث واسع وعنوان عريض يشمل جميع الفضائل الخلقية وعكسها في الحياة الاجتماعية ، وتطبيقها على أرض الواقع الذي نعيش فيه. فإذا أردت أن تدرس مفرداتٍ أخلاقيّة دراسة مجرّدة ، فإن المسألة تختصّ بالفلسفة والمفاهيم الصوريّة ، وأمّا إذا أردت تطبيق تلك المفاهيم وانتزاع صور وشواهد عليها بتجسيدها في الحياة العامّة ، فإنّ الأمر يخرج من التصوّر إلى التصديق ، ومن المجرّد إلى الواقع ، ومن النظرية إلى التطبيق ، وتلك هي الفلسفة العملية