للبيعة ، وبعد أن هدّدوه بضرب العنق إذا لم يبايع ، فقال عليهالسلام : «أتقتلون عبد الله وأخا رسوله؟!».
فقال عمر : [أمّا] عبد الله نعم ، وأمّا أخو رسوله فلا علم لنا بذلك. بايع وإلاّ ضربت عنقك. فلاذ بقبر رسول الله صلىاللهعليهوآله ضاجّاً باكياً إلى الله ، يبثّ شكواه إلى أخيه وابن عمّه رسول الله صلىاللهعليهوآله ممّا لاقاه من جفاء وجفاف وغلظة أخلاق القوم ، والقصّة مشهورة ومعروفة. لا ، بل عندما لحُدت سيدتنا فاطمة الزهراء عليهاالسلام في قبرها الشريف ليلاً توجّه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله قائلاً : «السّلام عليك يا رسول الله ، عنّي وعن ابنتك النازلة في جوارك ، والسريعة اللحاق بك ، قلَّ يا رسول الله عن صفيتك صبري ، ورقَّ عنها تجلّدي ، إلاّ أنّ في التأسّي بعظيم فرقتك وفادح مصيبتك موضع تَعَزٍّ ، فلقد وسّدتُك في ملحودة قبرك ، وفاضت بين نحري وصدري نفسك ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
لقد استُرجِعَت الوديعة ، وأُخذت الرهينة. أمّا حزني فسرمد ، وأمّا ليلي فمسهّد إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم ، وستنبئك ابنتك بتضافر أُمَّتك على هضمها حقّها ؛ فأحفها السؤال ، واستخبرها الحال. هذا ولم يَطُل العهد ولم يخلُ منك الذكر.
والسّلام عليكما سلام مودِّعٍ ، لا قالٍ ولا سئمٍ ، فإن أنصرف فلا عن ملالة ، وإن أُقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصابرين» (١).
وكان يقول شعراً كذلك :
__________________
١ ـ موسوعة البحار ٤٣ ص ١٨٣.