واستنهر فتقه ، وانفتق رتقه ، وأظلمت الأرض لغيبته ، وكُسفت النجوم لمصيبته ، وأكدت الآمال ، وخشعت الجبال ، وأُضيع الحريم ، وأُزيلت الحرمة عند مماته ، فتلك ـ والله ـ النازلة الكبرى ، والمصيبة العظمى ، لا مثلها نازلة ، ولا بائقة عاجلة» (١). إلى أن قالت شعراً :
قد كانَ بعدكَ أنباءٌ وهنبثة |
|
لو كنتَ شاهدها لم تكثرِ الخطبُ |
إنّا فقدناكَ فَقْدَ الأرضِ وابلها |
|
واختلَّ قومُكَ فاشهدهم وقد نكبوا |
وكلّ أهلٍ لهُ قُربى ومنزلة |
|
عندَ الإلهِ على الأدنينِ مقتربُ |
أبدتْ رجالٌ لنا نجوى صدورهمُ |
|
لمّا مضيتَ وحالت دونَكَ التّربُ |
تجهمّتنا رجالٌ واستُخِفَّ بنا |
|
لمّا فُقِدتَ وكلُّ الإرثِ مغتصَبُ |
وكنتَ بدراً ونوراً يُستضاءُ به |
|
عليكَ تنزلُ من ذي العزّةِ الكتبُ |
وكانَ جبريلُ بالآياتِ يؤنسنا |
|
فقد فُقِدتَ فكلُّ الخيرِ محتجَبُ |
فليتَ قبلكَ كان الموتُ صادفنا |
|
لمّا مضيتَ وحالت دونَكَ الكثبُ |
إنّا رُزينا بما لم يُرْزَ ذو شجن |
|
من البريّةِ لا عجمٌ ولا عربُ (٢) |
ألم يكن هذا رثاء من سيّدة النساء لأبيها (صلوات الله عليهم)؟ لماذا لم يستنكر عليها المستنكرون يومها ، أم أنّ هؤلاء الوهابيّة أعلم منها ومن الصحابة الذين سمعوها بالكتاب والسنة ـ والعياذ بالله ـ؟!
وهذا شأن الإمام علي عليهالسلام قبل فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، فإنّ قبر أخيه وحبيبه رسول الله صلىاللهعليهوآله كان ملاذه دائماً وأبداً ، لا سيما حينما قادوه كُرهاً
__________________
١ ـ العوالم ٢ ص ٦٧٣.
٢ ـ فاطمة الزهراء عليهاالسلام من المهد إلى اللّحد ص ٥٠٢.