والأوّل والآخر ، والحكمة في تقديم بعضها على البعض مختلفة جدّاً.
فمن الناس مَنْ يكون قوي الإرادة ، حازم النفس ، ومن الخير لهذا الصنف من الناس أن يبتدئ بإصلاح جميع ملكاته دفعة واحدة.
ومن الناس مَنْ يكون ضعيف الإرادة ، واهن النفس ، فاتر الهمّة ، ومن الصواب له أن يبتدئ بإصلاح الضعيف من صفاته ؛ ليتمرَّن به على جهاد القوي (١).
وهذا الذي سمَّاه رسول الله صلىاللهعليهوآله (الجهاد الأكبر ، جهاد النفس) (٢).
فمجاهدة النفس لإصلاح المفاسد فيها ، أو كبح جماح الناشز من صفاتها السبعية والبهيمية ، فهذا أعظم من كلّ جهاد في هذه الحياة.
وجهاد النفس أكبر جهاد ؛ لأنّها أعدى الأعداء للإنسان كما في الرواية الشريفة : «أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك» (٣).
والعاقل الفطن يجب أن يُحارب العدوّ الأقرب والأخطر الذي يكون ضرره أعظم ، وفتكه أكبر بذات الإنسان ، وهل يهلك الإنسان ويلقيه على منخريه في النار إلاّ نفسه الأمارة بالسوء!
وعلى الإنسان أن يوجد التوازن المطلوب في ملكاته الخلقية ؛ لأنّ الفلاسفة
__________________
١ ـ الأخلاق عند الإمام الصادق عليهالسلام ص ٧١.
٢ ـ في الحديث : إنّ النبي صلىاللهعليهوآله بعث بسرّية ، فلمّا رجعوا قال : «مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر». فقيل : يا رسول الله ، وما الجهاد الأكبر؟ قال : «جهاد النفس». الكافي ٥ ص ١٢ ح٣.
٣ ـ موسوعة البحار ٦٧ ص ٣٦.