٢ ـ واقعة الحرّة :
واستباحة المدينة لثلاثة أيّام بعد المقتلة العظيمة التي مُني بها أهل الإيمان في مدينة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله التي قال فيها النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله : «المدينة حرمٌ ما بين عابر إلى ثور (١) ، فمَنْ أحدث فيها حدثاً أو آوى مُحدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ولا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً ...» (٢).
وكثيرة هي الأحاديث في فضل وحرمة المدينة المنوّرة المباركة ، أمّا يزيد فإنّه وجّه إليها جيشاً جرّاراً بقيادة مسرف بن عقبة فقتل الثوّار ، وحاصر المدينة واستباحها لمدّة ثلاثة أيّام حتّى ولدت فيها ألف بكر لا يعلم آباؤهم ، وكانوا يزوّجون بناتهم ولا يسألون عنها.
ولكن ماذا يقول ابن تيمية : فأمّا أهل الحرّة فإنّهم لمّا خلعوا يزيد وأخرجوا نوّابه أرسل إليهم مرّة بعد مرّة يطلب الطاعة فامتنعوا ، فأرسل إليهم مسلم بن عقبة المرّي وأمره إذا ظهر عليهم أن يبيح المدينة ثلاثة أيام ، وهذا هو الذي عظم إنكار الناس له من فعل يزيد (٣).
هكذا كان إمامه معذوراً في وقعة الحرّة ، وفي قتل أهلها من الصحابة حتّى لم يكد ينجُ منهم أحد ، وهم الصحابة الكبار من المهاجرين والأنصار وأبنائهم ؛ لأنّ تأويله وغيرته على ملكه ومحاولة حفظه كان أولى ، وهو الذي يقول فيهم : إنّ مَنْ طعن بأحد منهم فهو أضلّ من حمار أهله.
__________________
١ ـ هما جبلان ؛ الأوّل في المدينة ، والآخر في مكة. النهاية ١٠ ص ٢٢٩.
٢ ـ كنز العمال ١٢ ح ٣٤٨٠٥.
٣ ـ منهاج السنة النبوية ٢ ص ٢٥٣.