بلى والله ، إنّها لتكفي واحدة منها لتخرجهم من حظيرة الدين الحنيف وتعيدهم إلى حظائر أجدادهم وما كانوا يعبدونَ ، كاللاّت والعزّى ومناة الثالثة الأُخرى التي ما انفك يقسم بها أبو سفيان حتّى آخر أيّام حياته المشحونة بالحقد والحرب لله ولرسوله وللمؤمنين.
ورغم ذلك فقد صار عند هؤلاء من المسلمين الذين حسن إسلامهم ، بل ومن المؤمنين الكبار ؛ لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال يوم فتح مكة : «مَنْ دخل دار أبي سفيان فهو آمن» ، فلم يميّزوا بين الأمن على نفسه من القتل والمؤمن.
تأمّل في كلام الإمام الحسين عليهالسلام حيث قال في أواخر حياته : «ألا وإنّ الدعيَّ ابن الدَّعي قد ركز بين اثنتين بين السلّة والذلّة ، وهيهات منّا الذلّة ؛ يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنين» (١).
فالقوم خيّروه بين السيف والقتل ، أو الذلّ والمهانة!
ولكن هيهات ؛ إنّه ابن أبيه علي بن أبي طالب عليهالسلام الذي قال : (لو اجتمعت العرب على قتالي لما وليت) ، وربما لو اجتمعت الإنس والجنّ على قتاله أو قتال ولده عليهماالسلام لما هربا من ساحة المعركة ؛ لأنّ الهارب ذليل وحاشاهم من الذلّ.
لماذا هذا الإباء إذن؟
١ ـ الله يأبى لهم ذلك.
٢ ـ رسول الله صلىاللهعليهوآله يأبى لهم ذلك.
__________________
١ ـ موسوعة البحار ٤٥ ص ١٠ ، تاريخ ابن عساكر ، ترجمة الإمام الحسين عليهالسلام ص ٢١٦ ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي ٢ ص ٦.