ونحن إذا نظرنا إلى كلمة (أخلاق) من زاوية الوجود وجدناها تدلُّ على معنى ينبوع الفعل ، أو سببه ؛ من حيث أنّ السبب هو أصل النتيجة ، فالمبدأ يوضّح وجود الوجود ويفسّره.
والمبدأ من الزاوية المعيارية هو قاعدة الفعل أو معياره من حيث أنّه تصوّر ذهني جلي تعبّر عنه صيغة محدّدة ، ويكون المبدأ أخلاقياً بالمعنى الدقيق ؛ لأنّه يتّصل بالبحث الأخلاقي.
وما التخلُّق ، أي السِّمة الأخلاقيّة التي تسم فعلاً أو فاعلاً ، إلاّ التقيُّد الذاتي بالقانون الأخلاقي ، وذلك كما يرى (كانت) مثلاً ، وهذا يعني أنّ التخلُّق هو إرادة التقيُّد بقانون الأخلاق.
يقول (لوسين) : المبدأ الأخلاقي لا يتناول ما ينبغي أن يتناوله الفكر من أمر الحقيقة ؛ بل ما ينبغي فعله من أمور صالحة طيّبة ، ولا يخفى عليكم أنّ الباحث النظري يتطلّع إلى تطابق المبادئ الفكرية ومعايير الأوامر الأخلاقيّة (١).
ذاك كان حديثاً مختصراً وسريعاً عن القواعد الأخلاقيّة ، ونريد أن نلتفت إلى الغاية المتوخّاة من تلك القواعد وذاك العلم الذي نحن في رحابه (الأخلاق).
والغاية : هي ما يؤدّي إليه الشيء ، ويترتّب هو عليه ، وقد تسمّى غرضاً من حيث أنّه يطلب بالفعل ، ومنفعة إن كان ممّا يتشوّقه الكلّ طبعاً (٢).
فالغاية بوجه عام هي ما لأجله يُطلب الشيء ، وهي نتيجة تستهدفها
__________________
١ ـ الفلسفة الأخلاقيّة ص ٢٥ ـ ٢٦.
٢ ـ الكلّيات ـ لأبي البقاء ص مادة : الغاية.