بها اهتماماً كبيراً (منذ انطلاقته المظفّرة) ، والذي يستقصي تعاليم الكتاب (القرآن الكريم) وإرشادات السنّة المطهرّة ، يعلم مقدار هذا الاهتمام ، ومبلغ هذه العناية.
وهذه الظاهرة من الدين الإسلامي هي إحدى مميّزاته عن سائر الأديان (المنتشرة على وجه الأرض حالياً) ، وإحدى مؤهّلاته للخلود (في الحياة والوجود).
وهي جارية على ما تفرضه جامعيَّة الدين ، وصفاء أخلاق المتديّنين ، يوم غرس الدين بذرته (في الجاهليّة الجهلاء) ، قال الشاعر :
وإنّما الأُمم الأخلاقُ ما بقيت |
|
فإن هُمُ ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا |
وإذا كان شذوذ الأخلاق ناتجاً عن تطرّف في الغريزة ، أو إسفاف في العادة ، أو قصور في التربية ، وإذا كانت أمراض الروح أشدّ فَتكاً في معنويات الأُمّة ، وأعظم أثراً في إبعادها عن الخير والسعادة ، فجدير بالدين الجامع ، وجدير بالمصلح المهذِّب أن يتكفّل بإتمام النقص في الأخلاق ، ويتبيّن مواضع الخلل في النفس ، ويعالج الخطر في الغريزة الموبوءة ؛ لكيوِّن من الفرد عضواً صالحاً لمكانته من الأُمّة ، ويجعل من الأُمّة مجتمعاً قابلاً للعلم والعمل في سبيل الخير.
والإسلام دين فردي اجتماعي ، وهو في اجتماعيته فردي أيضاً ؛ لأنّ الجنّة مشروع خاصّ بالفرد الذي يطلبها ، وينظر الإسلام في سعادة الفرد كما ينظر في سعادة الأُمّة ، ويسعى لتهذيب الشخص كما يسعى لتنظيم المجتمع. وإذا كان صلاح الأُمّة مشروطاً بصلاح أفرادها ، كان اهتمام الدين بسعادة الفرد من ناحيتين :