وراحوا يسعون في الأرض فساداً ، فخرج إليهم أمير المؤمنين عليهالسلام بجيشه والتقوا عند النهروان ، فقتلهم جميعاً ولم ينجُ منهم إلاّ أقل من عدد الأصابع كما أخبر بذلك أمير المؤمنين عليهالسلام : «لا يُقتل منكم عشر ، ولا ينجو منهم عشر».
ورغم الذي فعلوه فإنّ شعار أمير المؤمنين عليهالسلام كان : «لا نبدؤكم بقتال ، ولا نمنعكم عن مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه ، ولا نمنعكم من الفيء ما دامت أيديكم معنا» (١).
اُولئك هم السلف ، خوارج الأمس البعيد الماضي السحيق ، فذهبوا وكانوا لعنة التاريخ على هذه الأُمّة ، ولكن لعنة الله تلاحقهم إلى أن ترميهم في الدرك الأسفل من النار ؛ لأنّهم : «شرّ قتلى تحت أديم السماء» (٢) كما يصفهم رسول الله صلىاللهعليهوآله في كلمة له.
وأمّا الخلف ، فهم خوارج اليوم القريب والحاضر الذي نعيش فيه ، وهم أشنع وأبشع من اُولئك اللعناء في تاريخ الأُمّة الإسلاميّة.
تروي كتب الحديث قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : «إنّما أخاف على أُمّتي الأئمّة المضلّين ، وإذا وضع عليهم السيف لم يُرفع إلى يوم القيامة ، ولا تقوم الساعة حتّى يلحق حي من أُمّتي بالمشركين ، وحتى تعبد فيأم (فيآم) من أُمّتي الأوثان ،
__________________
١ ـ المنتظم في تاريخ الأمم والملوك ٥ ص ١٣٥ ، أحداث سنة ٣٧ هـ.
٢ ـ مسند أحمد ١٢ ص ٣٣٨ ، سنن ابن ماجة ص ح ٣٩٥٢ ، سنن أبو داود : ح ٤٢٥٢.