وتهذيب الغضب يكون قبل حصوله ، وطريقه : هو التفكير الصحيح في أسباب الغضب ، والتأمّل في عواقبه ، وما يجرَّه على النفس وعلى الغير من أضرار وأخطار.
والشجاعة : هي أوّل فضيلة للقوّة الغضبية ، ولها مظهران :
ـ ثبات في مقام الدفاع عن المقدّسات : النفس والمال ، والعرض والدين والأرض.
ـ إقدام في محلّ الجهاد الأكبر والأصغر.
والشجاعة لا تتميّز بلون واحد ، ولا تختصّ بسمة خاصّة ، فالغضب للحقّ شجاعة ؛ لأنّه ممّا يأمر به العقل ، والحلم عن جهل الجاهل شجاعة ؛ لأنّه ممّا يدعو إليه الرشد ، والثورة على الباطل شجاعة ؛ لأنّها ممّا تقتضيه الحكمة.
يقدم الشجاع في موضع يقتضي الإقدام ، ويحجم في موقف يقتضي الإحجام ، وهو في كلتا الحالتين شجاع ؛ لأنّه ثابت القلب أمام المخاطر ، شجاع لأنّه يدير حركاته وأعماله بحكمة (١).
وبما أنّنا في رحاب الإمام الحسين عليهالسلام وأخلاقيّاته الرحمانيّة وأفعاله القيميّة ، وما زلنا نسبح في تلك الرحاب العامرة ، قد وصلنا إلى البحر الخضمّ ، وصرنا في قلب التيّار الهائج ، والبحر المحيط المائج.
وهنا أعترف وبكلّ شجاعة أنّني أقف حائراً كلّما وقفت أمام هذه الصفة في الإمام الحسين عليهالسلام ؛ فإنّها الصفة التي أعجبت الإنس والجنّ ، بل قل حتّى السماوات والأرض ومَنْ فيهنّ.
__________________
١ ـ الأخلاق عند الإمام الصادق عليهالسلام ص ٨٥.