القائل : «والله ، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أفرّ منكم فرار العبيد» (١).
وقبل الاستطراد بالحديث عن شجاعة الإمام الحسين عليهالسلام وأهل بيته وأصحابه الميامين ، نقول : إنّ الشجاعة هي فضيلة بين التهوّر (الإفراط) والجبن (التفريط) ، والإنسان العاقل عليه أن يتذكّرها بما لها من مدائح وشرف عظيم ، وعليه أن يكلّف نفسه المواظبة على آثارها ولوازمها حتّى تصير عنده ملكة وطبعاً راسخاً في القلب والنفس.
والشجاعة : هي طاعة قوّة الغضب للعقل في الإقدام أو الإحجام عن الأمور الهائلة والخطيرة ، وعدم اضطرابها بدفعها إلى الخوض فيما يقتضيه رأيها عند ثورانها بالغضب.
ولا ريب أنّها من أشرف الملكات النفسيّة ، وأفضل الصفات الكماليّة لبني البشر ، والفاقد لها من الرجال بريء عن الفحولة والرجولة. وهو في الحقيقة إلى النساء أقرب منه إلى الرجال ؛ لأنّ الجبن في المرأة مطلوب ومرغوب.
وقد وصف الله سبحانه خيار الصحابة بها ، وذلك قوله في القرآن الكريم : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) (٢) ، وأمر الله بها نبيّه بقوله : (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) (٣) ؛ إذ الشدّة والغلظة من لوازم الشجاعة وآثار القوّة الغضبية المهذّبة. والأخبار والروايات تذكرها بكثير من التحبيذ ، وتعدّها من صفات أولياء الله ، والكمَّل من عباده المؤمنين المتّقين.
__________________
١ ـ إرشاد المفيد ص ٢٣٤.
٢ ـ سورة الفتح : الآية ٢٩.
٣ ـ سورة التوبة : الآية ٧٣.