هل تعجب وأنت أمام شخصيّة كالحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليهم)؟
أنا أعجب ؛ لأنّني قاصر عن إدراك أو فهم أو استيعاب مثل هذا الإقدام ، أو هذه الشجاعة التي تصدر عن إنسان بشري عاش على تراب هذه الأرض.
قيل الكثير الكثير عن شجاعة الحسين بن علي عليهالسلام في كربلاء ، ولكن مهما قيل فإنّ الصفة أكبر والموصوف أعظم وأجل وأكبر من كلّ قولٍ أو وصف قيل فيه. وقد شهد له أعداؤه قبل أوليائه بذلك ؛ فإنّه هو لا غيره الذي قال فيه ذاك الرجل : ما رأيت مكثوراً قط قُتل أهله وأصحابه جميعاً أربط جأشاً منه! فكان كلّما ازدادت المحن تهلّل وجه أكثر ، وكانت الكتيبة إذا شدَّ عليها تفرّ الرجال من بين يديه كالمعزى من السبع.
لم أقرأ ولم أسمع عن شخص يحيط به جيش عرمرم ، وهو ملقى على الأرض وفي جسده عشرات ، بل مئات من ضربات السيوف وطعنات الرماح ، وجراحات السهام والنبال ، وهو (روحي له الفداء) يجود بنفسه الشريفة ، وهم يخافون منه ويخشون حتّى النظر إلى وجهه الشريف أو عينيه المباركتين ، فما نظر لأحد إلاّ هابه وأخذ بمجامع قلبه فيفرّ منه ، حتّى انبرى إليه ذاك الشيطان اللعين شمر بن ذي الجوشن!
ولن نطيل الحديث حول هذه الصفة الحسينيّة ؛ لأنّها من أوضح الواضحات في تاريخ الإنسانيّة المكافح ، ولكن لنا أن نعطي شواهد ، وأن نقف أمام محطّات أساسيّة في المسيرة الشجاعة البطلة للمولى أبي عبد الله الحسين (صلوات الله وسلامه عليه).