عقابه ، وأوجب لنا ولكم الجزيل من ثوابه.
عباد الله ، فلو كان ذلك قصر مرماكم ، ومدى مظعنكم ، كان حسب العامل شغلاً يستفرغ عليه أحزانه ، ويُذهله عن دنياه ، ويكثر نصَبه لطلب الخلاص منه ، فكيف وهو بعد ذلك مرتهنٌ باكتسابه ، مستوقفٌ على حسابه ، لا وزير له يمنعه ، ولا ظهير عنه يدفعه ، ويومئذ (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) (١).
أوصيكم بتقوى الله ، فإنّ الله قد ضمن لِمَنْ اتّقاه أن يحوِّله عمّا يكره إلى ما يحبّ (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (٢) ، فإيّاك أن تكون ممّن يخاف على العباد من ذنوبهم ، ويأمن العقوبة من ذنبه ؛ فإنّ الله تبارك وتعالى لا يُخدع عن جنّته ، ولا يُنال ما عنده إلاّ بطاعته إن شاء الله» (٣).
هل قرأت أو سمعت كهذا الوصف الجميل ، والموعظة البالغة ، وهذا التحذير من الموت الذي تحدّث عنه الإمام في مطلع موعظته النورانيّة هذه؟!
__________________
١ ـ سورة الأنعام : الآية ١٥٨.
٢ ـ سورة الطلاق : الآية ٣.
٣ ـ تحف العقول ص ١٧٠ ، موسوعة البحار ٧٨ ص ١٢٠ ح٣ ، الأنوار البهية ص ١٤٥.