وأن تحمل مشعلاً كبيراً للسّلام حتّى ولو لم تنجح في وضعه على قمم الجبال ، أفضل من أن تحمل شمعة صغيرة يمكن أن تضعها في أيّ مكان ، وأن تحمل شمعة خير لك من أن تعيش في الظلام.
كان أبو عبد الله الحسين عليهالسلام يبحث عن السَّلام بقوّة الرفق ، وصلابة الإرادة الإيمانيّة ، ومهما كانت إرادتك صلبة فلا بدّ لك من أن تعتمد اللّين والسَّلام في تنفيذها. وكلمات الإمام ما زالت تردّدها الأجيال في أصداء الزمن باحثة برفقٍ ولين عن السَّلام ، وحفظ الذمام قائلةً : «إذا كرهتُموني فدعوني أنصرف عنكم ـ إلى مأمن من الأرض ـ» (١).
وهو الذي خرج في ليلة العاشر من المحرَّم قاصداً قيادة جيش العدوّ (عمرو بن سعد) ؛ ليبحث معه فرص السَّلام الممكنة ، وفرص الحياة الآمنة بعيداً عن الدماء وقعقعة السّلاح.
نعم ، كان الإمام يبحث عن سلام البطولة والرجولة وليس عن بطولة السَّلام ، ولأن تكاليف البطولة كبيرة وغالية فإنّ أغلب الناس يحبّذون القيام بتمثيل دور بطل السَّلام ، بدل أن يقوموا بأداء دور سّلام البطولة.
وكم مرّة حاول الإمام الحسين عليهالسلام نزع فتيل الصاعقة المدمِّرة ، وإيقاف السيل أو تحويله إلى أماكن أكثر أمناً وفائدة ، وأقلّ ضرراً وأذيّة ، حتّى أنّه طلب منهم أن يتركوه ليسير أو يسيروا معه إلى الشام.
وفي يوم عاشوراء خاطبهم ونصحهم حتّى أنّه بكى عليهم رحمة وشفقة ؛
__________________
١ ـ روضة الواعظين ١ ص ١٨١ ، المناقب لآل أبي طالب ٤ ص ٩٧.