إمبراطوريّة سياسيّة ، والبعض الآخر يحاول أن يبني إمبراطوريّة عالميّة ، وبعض يحاول أن يبني إمبراطوريّة إعلاميّة ، ولكن الأنبياء وأوصيائهم عليهمالسلام وحدهم كانوا يريدون أن يبنوا إمبراطوريّة سلام (إنسانيّة) ، وقد سجّل التاريخ بأحرف من نور أنّ الحسين السبط عليهالسلام قد قُتل من أجل أن يسود السَّلام.
يبدأ السَّلام من إحساس نزيه يتحوّل إلى فكرة مقدّسة بمرور الزمن ؛ والإحساس بالكرامة والسَّلام يتطلب كرامة وسلامة الإحساس ، وكما يحوم الضباب حول القمم العالية ، فإنّ كلّ فكرة تدعو للسّلام لا بدّ وأن تحوم حولها الشبهات ، تماماً مثل السَّلام الحسيني.
لقد قُتل الحسين بن علي الشهيد عليهالسلام في معركة من أجل السَّلام ، غير أنّه لم يُهزَم كرجل عمل في سبيل السَّلام والكرامة ، والحرية والعدالة والإصلاح. إنّ مَنْ يريد أن يُصبح رجل سلام عليه أن يفكّر كما يفكّر رجال السَّلام ، وأن يتصرّف ويتحمّل مثلهم ، ومَثَلهم الأعلى هو الإمام الحسين عليهالسلام.
قلنا بأنّ الله سبحانه هو السَّلام ، ومنه السَّلام ، وإليه السَّلام ، ويدعو إلى دار السَّلام ، ورسوله محمد صلىاللهعليهوآله رسول الإسلام والسَّلام ، وهو يقول : «حسين منّي وأنا من حسين». ومعنى هذا أنّ الإمام الحسين عليهالسلام هو رائد السَّلام الإلهي والعالمي ، وأنّ ظلامته تكمن في اغتيال نيّة وجهود السَّلام الحسيني.
إنّ الإمام الحسين عليهالسلام كان يبحث عن أيّ فرصة سلام للأُمّة ، ولم يكن يبحث عن فرصة هروب إلى الأمام ، وكيف يكون ذلك وهو القائل : «إنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياةَ مع الظّالمين إلاّ برماً» (١).
__________________
١ ـ موسوعة بحار الأنوار ٤٤ ص ١٩٢ ، كشف الغمة ٢ ص ٣٢ ، المناقب ٤ ص ٦٨.