واستمرار المنهج ؛ لأنهنَّ كنَّ كالإعلام الذي نقل الأحداث بتفاصيلها المؤلمة ، مع ما يرافقها من بكاء ونواح وحتى العويل على الشهداء. وهذا ما جعل أخبار الفاجعة تنتشر في المجتمع الذي ينزلنَ فيه كالنار في الهشيم ، حتّى إنّ يزيد الطاغية اعترف بذلك. ويُقال : إنّ أوّل مجلس عزاء على سيّد الشهداء ِأقامته هند زوجة يزيد في الشام.
وأمّا موقف السيّدة العظيمة زينب الكبرى ، عقيلة بني هاشم ، في كربلاء ، ثمّ في الكوفة ، وحتى في الشام ، وخطبها الرنّانة التي فضحت فيها الحكومة الأمويّة بكلّ قوّة واقتدار ، حتّى إنّها خاطبت الحاكم الأموي الأعلى يزيد بن معاوية قائلة : (فو الله ، ما فريتَ إلاّ جلدكَ ، ولا حززت إلاّ لحمك ، ولَتردنّ على رسول الله صلىاللهعليهوآله بما تحمّلت من سفكِ دماء ذُرِّيته ، وانتهكتْ من حرمتهِ في عترتهِ).
وقالت : (ألا فالعجب كلّ العجبِ لقتلِ حزبِ الله النُجباء ، بحزبِ الشّيطان الطُّلقاء!).
ثمّ قالت : (ولئن جرّت عليّ الدّواهي مخاطبتك ، إنّي لأستصغر قدرك ، وأستعظم تقريعك ، وأستكثر توبيخك ، لكنّ العيون عبرى ، والصدور حرّى.
فكد كيدك ، واسعَ سعيك ، وناصب جهدك ، فو الله لا تمحو ذكرنا ، ولا تُميت وحينا ، ولا يرحض عنك عارها. وهل رأيك إلاّ فند ، وأيّامك إلاّ عدد ، وجمعك إلاّ بدد. يوم ينادي المنادي : ألاّ لعنة الله على الظالمين) (١).
__________________
١ ـ موسوعة بحار الأنوار ٤٥ ص ١٣٤.