مَنْ يستطيع أن يخاطب الحاكم في أيّ دولة من دول العالم بهذا الخطاب ، وبهذا الأسلوب والتحدّي ، وبهذه اللهجة القوية المليئة بالبلاغة والتقريع؟
لكنّها زينب بنت أبيها أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، وأُمّها الزهراء عليهاالسلام التي وقفت بشموخ وجرأة أمام الخليفة الأوّل تطالب بفدك ، وخطبتها الصريحة الأُخرى في نساء الأنصار بعد ذلك.
نعم ، إنّها زينب السيّدة العظيمة التي كان يحترمها الحسين عليهالسلام أي احترام ، ويجلّها عظيم الإجلال ، ويقدّرها كبير التقدير ؛ فإنّه كان إذا دخلت عليه منزله ، أو خيمته في كربلاء وهو يقرأ القرآن فإنّك تراه يضع القرآن ، ويقف لها إجلالاً وإكباراً ، وكان لا يخاطبها إلاّ بكلّ احترام ، لما يعلمه من عظمتها ، ورفيع مكانتها عند الله.
فكانت لزينب عليهاالسلام مع إخوتها وقفات ووقفات ، لا سيما مع الإمام القائد ، ونائبه السيّد الجليل أبو الفضل العباس عليهالسلام. وهكذا ترى احترام الأئمّة عليهمالسلام للسيدة زينب عليهاالسلام ، وهذا هو الإمام زين العابدين عليهالسلام يقول لها : «عمَّة ، أنتِ بحمدِ الله عالمةٌ غير معلّمة ، وفهمةٌ غير مفهمّة» (١).
وأمّا سبي الحوراء فإنّها لمصيبة المصائب أن تُسبى وتُؤسر مثل السيّدة زينب عقيلة بني هاشم عليهاالسلام وسائر الهاشميّات والعلويّات ، وعلى العالم المتحضّر أن يُراجع أخلاقيّات الإمام الحسين عليهالسلام وأئمّة المسلمين ؛ ليتعلّم كيف يتعامل مع المرأة ، وكيف يعلّمها لتكون كزينب والرباب وسكينة ورملة وليلى (عليهنّ السّلام).
__________________
١ ـ موسوعة بحار الأنوار ٤٥ ص ١٦٤ ، الاحتجاج ٢ ص ٣٠٥.