فقال عليهالسلام : «أوَ لم يُبايعني بعد قتل عثمان ، لا حاجة لي في بيعته ؛ إنّها كفٌ يهودية ، لو بايعني بكفّه لغدر بسبابته (أو بسبته) ، أما أنّ له إمرةً كلعقة الكلب أنفه ، وهو أبو الأكبُش الأربعة ، وستلقى الأُمّة منه ومن ولده يوماً أحمر!» (١).
وما زالا يتلطّفان به حتّى عفا عنه ، إلاّ أنّ هذا الوغد قد تنكّر لهذا المعروف ، وقابل السبطين بكلّ ما يملك من وسائل الشرّ ، فهو الذي منع جنازة الإمام الحسن عليهالسلام أن تُدفن بجوار جدّه وأمطرها بسهامه ، وهو الذي أشار على الوليد بقتل الإمام الحسين عليهالسلام إن امتنع من البيعة ليزيد (٢). لقد كان ذلك في المدينة المنوّرة عندما هلك معاوية واستولى على كرسي الخلافة يزيد الفاسق الفاجر ، فقد أرسل إلى الوليد والي المدينة يخبره الخبر ، ويأمره بأخذ البيعة من الناس مع ورقة صغيرة كتب فيها : خذ الحسين وعبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً عنيفاً ليست فيه رخصة ، ومَنْ أبى عليك منهم فاضرب عنقه وابعث إليّ برأسه (٣).
وبعث الوليد إلى الإمام الحسين عليهالسلام فوضع خطّة مع فتيان بني هاشم الأجاويد بحيث لا يمكّن الوليد من نفسه ، وعندما استقرَّ المجلس بأبي عبد الله عليهالسلام نعى الوليد إليه معاوية ، ثمّ عرض عليه البيعة ليزيد ، فقال عليهالسلام : «مثلي
__________________
١ ـ بحار الأنوار ٣٢ ص ٢٣٤ ، نهج البلاغة ص ١٠٢ ، ضبط د. صبحي صالح ـ ط دار الكتاب ـ بيروت.
٢ ـ حياة الإمام الحسين بن علي ١ ص ١٢٦.
٣ ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي ١ ص ١٧٨.