لا يُبايع سرّاً ، فإذا دعوت الناس إلى البيعة دعوتنا معهم ، فكان أمراً واحداً» (١).
فاقتنع الوليد منه ، ولكن مروان ابتدر قائلاً : إن فارقك الساعة ولم يبايع لم تقدر منه على مثلها حتّى تكثر القتلى بينكم ، ولكن احبس الرجل حتّى يبايع أو تضرب عنقه.
فقال الحسين عليهالسلام : «يابن الزّرقاء ، أنت تقتلني أم هو؟ كذبت وأثمت!».
ثمّ أقبل عليهالسلام على الوليد ، وقال : «أيّها الأمير ، إنّا أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، بنا فتح الله وبنا يختم ، ويزيد رجلٌ شارب الخمور ، وقاتل النفس المحرمة ، معلنٌ بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله ، ولكن نصبح وتصبحون ، وننظر وتنظرون أيّنا أحقُّ بالخلافة».
وارتفعت الأصوات فيما بينهم ، وخرج الإمام الحسين عليهالسلام من بينهم قهراً ، فقال مروان للوليد : عصيتني ، فو الله لا يمكنك من مثلها أبداً.
قال الوليد : وبّخ غيرك يا مروان! اخترت لي ما فيه ذهاب ديني ، أأقتلُ حسيناً إنْ قال لا أبايع ، والله لا أظنّ امرأً يُحاسب بدم الحسين إلاّ خفيف الميزان يوم القيامة ، ولا ينظر الله إليه ولا يزكّيه وله عذاب أليم! (٢).
انظر واعجب من جرأة هذا الوزغ على الله وعلى أوليائه الكرام الميامين ، وهو من أشرّ خلق الله ، يأمر بضرب عنق وقتل ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، الإمام في ذاك الزمان ، المفترض الطاعة والولاية على الأُمّة جمعاء ، إلاّ أنّ عذره كان بيِّناً
__________________
١ ـ تاريخ الطبري ٦ ص ١٨٩.
٢ ـ مقتل الحسين ـ للمقرّم ص ١٣١ ، الخوارزمي ص ١٨٣ ، واللهوف ص ١٣.