وكم مرّة بكى وأبكى (صلوات الله عليه
وآله) على أهل بيته ، وما سيجري عليهم من ظلم وجور من بعده ؛ فإنّه كان يبكي كلّما
أخبره جبرائيل عليهالسلام
عن مصيبة من مصائبهم ، أو شهادة أحدهم ، فكم مرّة تنقل كتب السيرة أنّه بكى على
فاطمة الزهراء عليهاالسلام
، أو أمير المؤمنين عليهالسلام
الذي كان يسمّيه (أنت المظلوم من بعدي) ، أو على سبطه الأكبر الإمام الحسن المجتبى
عليهالسلام
، أو على سبطه الآخر سيّد الشهداء ، وتلك هي المصيبة العظمى ، والطامة الكبرى (صلوات
الله عليه وآله الأطهار).
المظلوميّة في بكاء زين
العابدين عليهالسلام
إنّ الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهماالسلام ، ذاك الإمام
السجّاد العظيم الذي شهد واقعة الطفّ ورآها بأمّ عينيه ، قد بكى أكثر من ثلاثين
سنة على والده الحسين وآله وأصحابه عليهمالسلام
، ما وضِع بين يديه طعام إلاّ بكى ، ولا شرب إلاّ وبكى ، حتّى قيل له في ذلك ، فكان
يجيب ويبيّن عذره لسائله عن ذاك البكاء العجيب.
قيل : إنّه عليهالسلام كان يخرج إلى سوق
الجزّارين ، فإذا رأى جزّاراً يريد أن يذبح شاة يقول له : «هَلْ سَقيتها الماء؟».
فيقول الرجل : نعم يابن رسول الله ، إنّا
لا نذبح حيواناً حتّى نسقيه ولو قليلاً من الماء.
فيبكي عند ذلك ويقول عليهالسلام : «ولكن ذُبح أبو عبد
الله عليهالسلام عطشان».
وقال له أحد مواليه : أما آنَ لحزنك أن
ينقضي ، ولبكائك أن يقل؟!
فقاله له : «ويحك! إنَّ يعقوب النبيّ عليهالسلام كان له اثنا عشر
ولداً ، فغيّب الله