عنه واحداً منهم ، فابيضّت عيناهُ من الحزن من كثرة البكاء ، واحدودب ظهرهُ ، وابنهُ حيٌ في دار الدنيا ، وأنا نظرت إلى أبي وإخوتي وعمومتي وسبعة عشر شاباً من بني عمومتي مجزَّرين كالأضاحي ، ونظرت إلى عمّاتي وأخواتي وقد أحاط بهنّ أهل الكوفة وهنّ يستغثنَ ويندبنَ قتلاهنّ ، والله ما ذكرت ذلك اليوم إلاّ وخنقتني العبرة» (١).
وفي رواية عجيبة مرويّة عن الإمام زين العابدين عليهالسلام أنّه كان إذا أخذ إناءً ليشرب فإنّه يبكي حتّى يملأ الإناء دمعاً ، ويقول : «كيف لا أبكي وقد مُنع أبي من الماء الذي كان مطلقاً للسباع والوحوش؟!» (٢).
فالبكاء للرجال عند الحقيقة ولوجه الله تعالى هو من أعظم الموارد وأكبر القربات لديه سبحانه. وفي الرواية عن المعصوم عليهالسلام أنّه : «مَنْ ذرفت عينه دمعةً من خشية الله كان تحت ظلّ الله يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه» (٣).
وفي رواية تخصُّ المولى أبا عبد الله الحسين عليهالسلام : «مَنْ بكى على الحسين عليهالسلام عارفاً بحقّه ، وجبت له الجنّة» (٤).
__________________
١ ـ سيرة الأئمة الاثني عشر ٢ ص ١٢١.
٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٤ ص ١٦٦.
٣ ـ موسوعة البحار ٤٤ ص ٢٨٥.
٤ ـ المصدر السابق.