وعكس الورع يكون الطمع ، فالطمع في أي شيء من متاع الدنيا ولذّائذها وشهواتها ، وإن كانت حلالاً ، يخرجها إلى حدِّ الإفراط فيها فينقلب إلى الحرام ، ويسبّب فعلها اللوم والعقاب ؛ ولهذا فإنّ العبد المؤمن دأبه مراقبة نفسه واتّهامها على الدوام.
يقول الإمام الحسين عليهالسلام : «إنّ المؤمن اتّخذ الله عصمتهُ ، وقولهُ مرآته ، فمرةٌ ينظرُ في نعتِ المؤمنين ، وتارةً ينظر في وصف المتُجبّرين ، فهو منه في لطائف ، ومن نفسه في تعارفٍ ، ومن فطنته في يقين ، ومن قدسه على تمكين» (١).
فالعبد المؤمن يعتصم بالله لا بسواه ، ويجعل مرآته في كلّ حركاته وسكناته ، كتاب الله وآياته في القرآن الكريم.
فمرّة ينظر في آيات القرآن باحثاً عن الآيات التي تصف المؤمنين ، فيجمعها ويلتزم بها قدر الإمكان ، لا سيما آيات سورة المؤمنون ، وأواخر سورة الفرقان وغيرها من آيات الذكر الحكيم التي تصف المؤمنين ، ويبحث عن نداءات أهل الإيمان (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) ، وقد بلغت (٨٩) مورداً في القرآن ، ويتدبّر فيها ؛ ليعلم ماذا يريد ربّنا سبحانه منّا ، فيفعله إذا كان أمراً ، أو يرتدع عنه إذا كان نهياً وزجراً.
ومرّة أُخرى يبحث في الكتاب العزيز عن وصف المتجبّرين ، كالفراعنة والقوارين ـ جمع قارون ـ وجنودهم وأذنابهم ، ويدرس صفاتهم ويحاول قدر المستطاع أن يطهِّر نفسه من تلك الرذائل اللعينة ، والفيروسات الروحيّة القاتلة.
__________________
١ ـ تحف العقول : الآية ١٧٨ ، موسوعة البحار ٧٨ ص ١١٩ حديث ١٥.