ويبحث في القرآن الكريم عن لطائف الحكمة ، وروائع الآيات الروحانيّة ، متنسّماً لتلك النسائم العبقة التي تهبّ على روحه ونفسه من خلال تنقّله في رياض الآيات القرآنيّة الكريمة ، ويتعرّض إلى نفحات ربّ العالمين الرحمانيّة.
وأمّا نفسه فإنّه دائماً وأبداً يتّهمها ؛ فهي أمارة بالسوء ، وهو يعرفها حقّ المعرفة ، وربّنا سبحانه يقول : (بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (١). فلا أحد أعلم بك منك إلاّ الذي خلقك ورزقك وسوّاك وعدلك ؛
ولهذا يكون الإنسان على يقين من أعماله التي عملها ، وهو على إصلاح نفسه وتقديسها وتزكيتها قادر قوي متمكّن ؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى ألطف وأرحم بنا من أنفسنا ، ولن يحاسبنا على شيء لا نقدر عليه.
وبهذا المعنى يقول الإمام الحسين عليهالسلام : «ما أخذ الله طاقةَ أحدٍ إلاّ وضع عنه طاعتهُ ، ولا أخذ قُدرتهُ إلاّ وضع عنه كُلفته» (٢).
وهذا يكون أجمل تفسير لقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا) (٣) ، وقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاّ مَا آتَاهَا) (٤). والقاعدة التي تقول : إذا أخذ ما أوهب أسقط ما أوجب. فالتكليف يكون بالقدرة والقدر والسعة وليس زائداً ؛ لأنّه يكون ظلماً وجوراً وتكليف بما لا يُطاق ، وحاشا لله أن يفعل بعباده مثل هذا.
__________________
١ ـ سورة القيامة : الآية ١٤.
٢ ـ تحف العقول ص ١٧٦.
٣ ـ سورة البقرة : الآية ٢٨٦.
٤ ـ سورة الطلاق : الآية ٧.