ولا يصح بغير العربية مع القدرة ، ويجوز مع العجز ، ولو عجز أحدهما تكلم كل بلغته.
______________________________________________________
وينبه عليه : أن العقد هو الإيجاب والقبول ، والتقديم والتأخير غير مخل بالمقصود.
وقد يفرق بين النكاح وسائر العقود : بأن الإيجاب يصح عندنا من المرأة ، وهي تستحي غالبا ، فيمنعها الحياء من الابتداء بالإيجاب ، فإذا ابتدأ الزوج بالقبول المتضمن لكلّ ما يطلب وقوع الإيجاب عليه من مهر وغيره ، خفت عليها المؤنة ، ولم يفت المطلوب ، ثم بقي جواز التقديم في العقد مع وكيل المرأة ووليها طردا للباب.
ويحتمل عدم الصحة ، لأن القبول إنما يكون للإيجاب ، فمتى وجد قبله لم يكن قبولا ، لعدم حصول (١) معناه ، إذ ليس ثم إيجاب يتقبل ، فيكون قبولا لما ليس بموجود ، والأسباب الشرعية إنما تستفاد بالتلقي من الشرع ، وهو قول أحمد (٢) من العامة ، وقد نفي المصنف في التذكرة (٣) البأس عن هذا القول ، وعدم الصحة لا يخلو من قوة.
قوله : ( ولا يصح بغير العربية مع القدرة ، ويجوز مع العجز ، ولو عجز أحدهما تكلم كلّ بلغته ).
لما كانت العقود أسبابا شرعية لأمور مطلوبة لا يحصل بدونها ، وجب الاقتصار فيها على ما علم شرعا كونه سببا ، والذي علم وقوعه من صاحب الشرع هو العقد بلفظ العربية ، فلا ينعقد النكاح وغيره من العقود اللازمة بغيرها من اللغات كالفارسية ، مع معرفة العاقد وتمكنه من النطق ، ذهب إلى ذلك أكثر الأصحاب (٤).
وقال ابن حمزة : إن قدر المتعاقدان على القبول والإيجاب بالعربية عقدا بها استحبابا (٥).
__________________
(١) لفظ : حصول ، لم يرد في « ض » و « ش » وأثبتناه من الحجري وهو الأنسب.
(٢) انظر : المغني لابن قدامة ٧ : ٤٣٠ ، الشرح الكبير على متن المقنع ٧ : ٣٧٥.
(٣) تذكرة الفقهاء ٢ : ٥٨٣.
(٤) منهم الشيخ في المبسوط ٤ : ١٩٣ ، والمحقق في الشرائع ٢ : ٢٧٣.
(٥) الوسيلة : ٣٤٢.