الطعام ومرؤ إذا كان سائغا لا تنغيص (١) فيه». انتهى.
وهنا يهنا بغير همز (٢) ـ لغة ثانية أيضا ، وقرأ (٣) أبو جعفر : «هنيّا مريّا» ، بتشديد الياء فيهما من غير همزة ، كذلك «بري» و «بريون» (٤) و «بريّا» ، ويقال : هنأني الطعام ومرأني ، وإن أفردت «مرأني» لم يستعمل إلا رباعيّا فتقول : «أمرأني» ، وإنّما استعمل ثلاثيا للتّشاكل مع «هنأني» ، وهذا كما قالوا : أخذه ما قدم (٥) وما حدث ، بضم الدّال من «حدث» مشاكلة ل «قدم» (٦) ، ولو أفرد لم يستعمل إلّا مفتوح الدال ، وله نظائر أخر ، ويقال : هنأت الرجل أهنئه بكسر العين في المضارع أي : أعطيته. واشتقاق الهنيء من الهناء ، وهو ما (٧) يطلى به البعير للجرب كالقطران قال : [الكامل]
١٧٥٣ ـ متبذّلا تبدو محاسنه |
|
يضع الهناء مواضع النّقب (٨) |
والمريء ما ساغ وسهل من الحلق ، ومنه قيل لمجرى الطّعام من الحلقوم إلى فم المعدة : مريء.
فصل في دلالة الآية على أمور
دلّت الآية الكريمة على أمور :
منها أنّ المهر لها ولا حق للولي فيه.
ومنها جواز هبتها للمهر قبل القبض ؛ لأن الله تعالى لم يفرق بين الحالين.
فإن قيل : قوله : (فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) يتناول ما إذا كان المهر عينا ، أما إذا كان دينا فالآية غير متناولة له (٩) لأنّه لا يقال لما في الذمة كله هنيئا مريئا.
فالجواب أن المراد بقوله (هَنِيئاً مَرِيئاً) ليس نفس الأكل ، بل المراد منه كل التصرفات (١٠) ، وإنما خصّ الأكل بالذكر ، لأنّه معظم المقصود من المال لقوله (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) [النساء : ١٠] وقوله : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) [النساء : ٢٩].
فصل
قال بعض العلماء : إن وهبت ثم طلبت بعد الهبة ، علم أنها لم تطب عنه نفسا ،
__________________
(١) في أ : ما بقالا يتبعض.
(٢) في أ : تعبير من.
(٣) انظر : إتحاف ١ / ٥٠٣ ، والمحرر الوجيز ٢ / ٢ / ٩ ، وقال : وهي قراءة الحسن بن أبي الحسن والزهري. ولم يذكر التضعيف. وانظر : البحر المحيط ٣ / ١٧٥ ، وفيه ذكر التضعيف.
(٤) في ب : يرى ويربون.
(٥) في أ : تقدم.
(٦) في أ : تقدم.
(٧) في أ : أهنى من هنا ما.
(٨) البيت لدريد بن الصمة. ينظر الأغاني ١٠ / ٢٢ والطبري ٧ / ٥٥٩ واللسان (نقب) والدر المصون ٢ / ٣٠٩ والبحر المحيط ٣ / ١٦١.
(٩) في ب : تتناوله.
(١٠) في ب : حل.