وتبقى مأساتنا مع الخوارج في هذا الزمان مستمرة ، إلاّ أنّ لمأساة البقيع الغرقد حديث آخر ، وألم وجرح في القلب لا يندمل ، وما زال يتجدّد في كلّ لحظة وكلّ يوم وكلّ عام. فما قصّة قبور البقيع المقدّسة مع اُولئك الخوارج على الناموس الإنساني؟
البقيع (لغة) : موضع فيه أروم (اُصول) شجر من ضروب (أنواع) شتى ؛ وبه سُمّي بقيع الغرقد ، وهي مقبرة بالمدينة. والغرقد : شجر له شوك كان ينبت هناك ، ويُسمّى أيضاً العوسج. فذهب وبقي الاسم ملازماً للموضع.
والبقيع من الأرض : المكان المتّسع ، ولا يُسمّى بقيعاً إلاّ وفيه شجر (١).
وفي تاج العروس قريب من هذا التعريف.
الموقع الجغرافي :
يقع في الاتجاه الجنوبي الشرقي من الروضة النبويّة المباركة غير بعيد عنها ، وهو على شكل مستطيل ، وكان فيما مضى متّصلاً بالمدينة المنوّرة ، وفُصل عنها بالسور ، ولكن بعد النهضة العمرانيّة صار ضمن المدينة ، وله طرق وممرّات ، وأُلحق إليه الكثير من الأرض ؛ لكثرة الدفن فيه على طول الأيام الخالية إلى اليوم.
__________________
١ ـ لسان العرب ص مادة (بقع).