فَقَالَ لَهُ (١) رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ ، جُعِلْتُ فِدَاكَ ، وَاللهِ ، إِنَّنِي (٢) لَمُقِيمٌ (٣) عَلى ذَنْبٍ (٤) مُنْذُ دَهْرٍ ، أُرِيدُ أَنْ أَتَحَوَّلَ عَنْهُ إِلى غَيْرِهِ ، فَمَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ : « إِنْ كُنْتَ صَادِقاً ، فَإِنَّ اللهَ (٥) يُحِبُّكَ (٦) ، وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقُلَكَ (٧) مِنْهُ (٨) إِلى غَيْرِهِ إِلاَّ لِكَيْ تَخَافَهُ ». (٩)
٢٩٩٢ / ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « مَا مِنْ ذَنْبٍ إِلاَّ وَقَدْ طُبِعَ عَلَيْهِ (١٠) عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يَهْجُرُهُ
__________________
(١) في « ب ، د ، ص ، بر ، بس » والبحار : ـ / « له ».
(٢) في « ب ، ز ، ه ، بر » والوافي والبحار والأمالي : « إنّي ».
(٣) في « ب » : « مقيم ».
(٤) في « ه » : « الذنب ».
(٥) في « ب » : « فالله » بدون « إنّ ».
(٦) في « ب » : « ينجيك ».
(٧) في « ز » : « أن تنقلك ».
(٨) في « ه ، بر » والوافي والبحار : « عنه ».
(٩) الأمالي للمفيد ، ص ١٢ ، المجلس ١ ، ح ١٢ ، بسنده عن محمّد بن أبي عمير ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٥ ، ص ١١٠١ ، ح ٣٦٤٧ ؛ البحار ، ج ٨٨ ، ص ٣٧.
(١٠) في مرآة العقول ، ج ١١ ، ص ٣١٩ : « الخبر يحتمل وجوهاً :
الأوّل : أن يكون المراد بالطبع أوّلاً حصول الشوق له إلى فعله لعارض عرض له ويمكن زواله عنه ، ولذا يهجره زماناً ، ولو كان ذاته [ لما يمكنه الهجر ] ، وإنّما هو بأن يسلب عنه التوفيق فيستولي عليه الشيطان فيدعوه إلى فعله ، ثمّ تدركه الألطاف الربّانيّة فتصرفه عنه ، وكلّ ذلك لصلاح حاله ، فليس ممّن يقتضي ذاته الشرّ والفساد ، ولاممّن أعرض الله عنه ولم يعلم فيه خيراً ، بل هو ممّن يحبّه الله ويبتليه بذلك لإصلاح أحواله وينتهي إلى العاقبة المحمودة.
الثاني : أن يكون من الطبع بمعنى الدنس والرين ، إمّا على بناء المجهول أيضاً ، أو على بناء المعلوم كما قيل ، أي ليس ذنب إلاّوقد تنجّس وتدنّس به عبد مؤمن ، فلا ينافي عدم كونه من سليقته.
الثالث : ما قيل : إنّه من الطبع بمعنى الختم ، وهو مستلزم لمنع دخول الشيء فيه ، والمعنى أنّ المؤمن ممنوع من الدخول في الذنب زماناً على سبيل الكناية ، ثمّ يلمّ به لمصلحة. وهو بعيد ، والأوّل أظهر ».
والأوّل هو تفصيل ما قاله العلاّمة الفيض في الوافي بقوله : « وقد طبع عليه ، يعني لعارض عرض له يمكن زواله عنه ، ولهذا يمكنه الهجرة عنه ، ولو كان مطبوعاً عليه في أصل الخلقة وكان من سجيّته وسليقته ، لما أمكنه الهجرة عنه زماناً ، فلاتنافي بين أوّل الحديث وآخره ». والثالث قال به العلاّمة المازندراني في شرحه ، ج ١٠ ،