قَالَ : فَقَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ خَلَقَ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَلَى الْفِطْرَةِ (١) الَّتِي فَطَرَهُمْ عَلَيْهَا ، لَايَعْرِفُونَ إِيمَاناً بِشَرِيعَةٍ ، وَلَاكُفْراً بِجُحُودٍ ، ثُمَّ بَعَثَ اللهُ الرُّسُلَ تَدْعُو (٢) الْعِبَادَ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَهْدِهِ اللهُ (٣) ». (٤)
١٨٢ ـ بَابُ الْمُعَارِينَ
٢٩٢٥ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :
__________________
الثاني ؛ فلأنّ السائل لمّا علم بالجواب المذكور : أنّ من ثبت إيمانه لم ينقله الله إلى الكفر بسلب التوفيق عنه ، سأل عن حال من ثبت كفره : هل ينقله من الكفر إلى الإيمان بإهداء التوفيق واللطف أم لا؟ وانطباق الجواب على الأوّل ظاهر ؛ لإشعاره بأنّه ممّن هداه لعدم إبطاله الفطرة الأصليّة بالكلّيّة ؛ فلذلك تداركته العناية الإلهيّة. وأمّا انطباقه على الثاني ففيه خفاء ؛ إذ لم يصرّح عليهالسلام بما سأل عنه ، إلاّأنّه أشار إلى قاعدة كلّيّة للتنبيه على أنّ المقصود الأهمّ هو معرفتها والتصديق بها ». وأمّا المجلسي فبعد نقله عنه قال : « وأقول : الظاهر أنّ كلام السائل استفهام » ثمّ ذكر حاصل الجواب. راجع : شرح المازندراني ، ج ١٠ ، ص ١٢١ ؛ مرآة العقول ، ج ١١ ، ص ٢٣٦ ـ ٢٣٧.
(١) فَطَر اللهُ الخَلقَ ، أي خَلَقهم ، وابتدأ صنعة الأشياء. و « الفِطرة » : التي طُبعت عليها الخليقة من الدين ، فطرهم اللهعلى معرفتهم بربوبيّته. ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٤٠٤ ( فطر ).
(٢) في « ج ، ز ، ص ، بس » وشرح المازندراني : « يدعو » أي كلّ واحد من الرسل.
(٣) في « ب » : ـ / « الله ». وفي شرح المازندراني : « إنّ الله تعالى خلق الإنسان على نحو من الفطرة ، وهي كونهم قابلين للخير والشرّ ، وهداهم إليهما ببعث الرسل ، وهم يدعونهم إلى الإيمان وإلى سبيل الخير ، وينهونهم عن سبيل الكفر والشرّ ، فمنهم من هداه الله عزّوجلّ بالهدايات الخاصّة ؛ لعدم إبطاله الفطرة الأصليّة وتفكّره في أنّه من أين جاء ، ولأيّ شيء جاء ، وإلى أين نزل ، وأيّ شيء يطلب منه ، واستماعه إلى نداء الحقّ ؛ فإنّه عند ذلك يتلقّاه اللطف والتوفيق والرحمة ، كما قال عزّ وجلّ : « وَالَّذِينَ جهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ». ومنهم من لم يهده الله عزّوجلّ ؛ لإبطاله فطرته ، وعدم تفكّره فيما ذكر ، وإعراضه عن سماع نداء الحقّ ، فيسلب عنه الرحمة واللطف والتوفيق. وهو المراد من عدم هدايته له ».
(٤) علل الشرائع ، ص ١٢١ ، ح ٥ ، بسنده عن الحسين بن نعيم الصحّاف ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ٢٤٣ ، ح ١٨٨٤ ؛ البحار ، ج ٦٩ ، ص ٢١٢ ، ح ١.