______________________________________________________
ثم نسخ ذلك ـ لتكون المنّة له صلىاللهعليهوآلهوسلم بترك التزوّج عليهنّ ـ بقوله تعالى ( إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاّتِي آتَيْتَ ) (١) الآية.
وروي أن بعض نساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم طلبت منه حلقة من ذهب ، فصاغ لها حلقة من فضة وطلاها بالزعفران ، فقالت : لا أريد إلاّ من ذهب ، فاغتمّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لذلك ، فنزلت آية التخيير (٢).
وقيل : إنما خيرهن لأنه لم يمكنه التوسعة عليهن ، وربما يكون فيهنّ من تكره المقام معه على ذلك ، فنزّهه الله تعالى عن ذلك بالأمر بالتخير (٣).
إذا عرفت ذلك ، فهذا التخيير عند العامة كناية عن الطلاق ، يقع إذا اختارت نفسها ونويا معا ، فان لم ينويا أو لم ينو أحدهما لم يقع به شيء (٤).
قال قوم : إنه صريح فيه ، وقال آخرون : إنه لا يكون طلاقا أصلا ، بل الطلاق اختيارها نفسها ، لقوله تعالى ( فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً ) (٥) ولو كان ذلك طلاقا لم يكن للتسريح بعده معنى ، وهذا الأخير هو الجاري على أصولنا ، فإن الطلاق لا يقع بالكنايات ، وليس في الآية ما يقتضي مخالفة حكمه لحكمنا في ذلك ، وقد نبّه المصنف على ذلك في التذكرة (٦) ، ومن هذا يعلم أن قوله هنا : ( وهذا التخير كناية عن الطلاق ) ليس بجيد.
و : قيام الليل ، لقوله تعالى ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ ) (٧) وإن أشعر
__________________
(١) الأحزاب : ٥٠.
(٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٤ : ١٦٢.
(٣) المصدر السابق.
(٤) انظر : أحكام القران للكيا الهراسي ٤ : ٣٤٥.
(٥) الأحزاب : ٢٨.
(٦) التذكرة ٢ : ٥٦٦.
(٧) الإسراء : ٧٩.