______________________________________________________
أرضعته ، فاما أن تدعي مع ذلك أجرة ، أم لا ، فهذه صور ثلاث : فان شهدت وادعت الأجرة لم تقبل شهادتها ، للتهمة ، لأنها تشهد لنفسها ، وفي وجه للشافعية أنها لا تقبل في الأجرة وتقبل في ثبوت الحرمة (١).
وإن شهدت بالرضاع ولم تسنده إلى نفسها ، كما لو شهدت بإخوة الرضاع بينهما مثلا مع التفصيل المعتبر أو بأنهما ارتضعا منها ، فإنه لا يتضمن فعلا منها ، إذ ربما كانت نائمة ، قبلت لانتفاء المانع ، ولا نظر الى ما يتعلق به من ثبوت المحرمية وجواز الخلوة والمسافرة ، فإن الشهادة لا ترد بمثل ذلك ، فإن شهادة الشاهدين بأن فلانا طلّق زوجته أو أعتق أمته تقبل وان كان يسندان حل المناكحة.
وفي وجه للشافعية أن المعزول لو شهد بالحكم ولم يسنده الى نفسه ، بأن قال : حكم حاكم به ، لم يقبل ، وذكروا مجيء مثله في الرضاع (٢).
ولو أسندت الرضاع إلى نفسها ، فشهدت بأنها أرضعتهما بالشرائط ، فأقرب الوجهين عند المصنف القبول ، لأنها لا تجر بهذه الشهادة نفعا ولا تدفع ضررا وعلمها أقوى من علم غيرها ، ورواية ابن بكير (٣) السالفة تشعر بذلك.
ويحتمل العدم ، لأن شهادة الإنسان على فعل نفسه لا يقبل ، كما لو شهد الحاكم على حكم نفسه بعد العزل لا يقبل.
وكذا القسام لو شهد على القسمة ، والأصح الأول ، وهذا بخلاف ما لو شهدت بأنهما ولداها ، أو بأنهما ولدتهما فإنه لا يقبل هنا جزما.
والفرق أن الولادة يتعلق بها حق النفقة والميراث وغير ذلك من الحقوق المقصودة ، وفرق بين الحاكم والقسام وبين المرضعة بأن فعلهما مقصود يتعلق به الحكم
__________________
(١) الوجيز ٢ : ١٠٩ ، مغني المحتاج ٣ : ٤٢٤ و ٤٢٥ ، السراج الوهاج : ٤٦٤.
(٢) المصادر السابقة.
(٣) التهذيب ٧ : ٣٢٣ حديث ١٣٣٠.