وسعيد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن مسعود ، وحذيفة بن اليمان ، وأبو عبيدة بن الجراح ، حتى بلغوا حمراء الأسد ـ وهي من المدينة على ثمانية أميال (١) ـ روي عن عائشة أنّها قالت ـ لعبد الله بن الزّبير : ابن أختي ، أما ـ والله ـ إن أباك وجدّك ـ تعني أبا بكر والزبير ـ لمن الذين قال الله ـ عزوجل ـ فيهم : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ)(٢).
وروي أنه كان فيهم من يحمل صاحبه على عنقه ساعة ، ثم كان المحمول يحمل الحامل ساعة أخرى ، وذلك لكثرة الجراحات فيهم ، وكان منهم من يتوكأ على صاحبه ساعة ، ويتوكأ عليه صاحبه ساعة أخرى فمر برسول الله صلىاللهعليهوسلم معبد الخزاعيّ بحمراء الأسد ، وكانت خزاعة ـ مسلمهم وكافرهم ـ عيبة رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتهامة ، صفقتهم معه ، لا يخفون عنه شيئا كان بها ، ومعبد ـ يومئذ ـ مشرك ، فقال : يا محمد والله لقد عزّ علينا ما أصابك في أصحابك ، ولوددنا أن الله قد أعفاك منهم (٣).
ثم خرج من عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتّى لقي أبا سفيان ومن معه ـ بالروحاء ـ قد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقالوا : قد أصبنا جلّ أصحابه وقادتهم ، لنكرّنّ على بقيتهم ، فلنفرغن منهم فلما رأى أبو سفيان معبدا قال : ما وراءك يا معبد؟ قال : محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط ، يتحرقون عليكم تحرّقا ، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم ، وندموا على صنيعهم وفيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط ، قال ويلك ما تقول؟ قال : والله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصي الخيل. قال : والله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل بقيتهم. قال : فإني أنهاك عن ذلك ، فو الله لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيه أبياتا : [البسيط]
١٦٩٠ ـ كادت تهدّ من الأصوات راحلتي |
|
إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل (٤) |
وذكر أبياتا. ففتّر ذلك أبا سفيان ومن معه. ومرّ به ركب من بني عبد القيس ،
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٤٠٠) وفي «تاريخه» (٣ / ٢٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٧٧) وزاد نسبته لابن إسحاق والبيهقي في «الدلائل».
والخبر في «سيرة ابن هشام» (٣ / ١٠٦ ـ ١٠٧).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٤٠٢) والحاكم (٢ / ٢٩٨) وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وأخرجه البخاري (٧ / ٢٨٧) ومسلم (٢ / ٢٤١) والطبري في «تفسيره» (٧ / ٤٠٣) عن عائشة رضي الله عنها مختصرا.
(٣) انظر تفسير الرازي (٩ / ٧٩).
(٤) ينظر البيت في السيرة النبوية ٢ / ١٠٣ والروض الأنف ٣ / ١٧٤ وجامع البيان ٧ / ٤٠٧ ولباب التأويل ١ / ٤٥١ وتفسير القرطبي ٤ / ٢٧٨.