وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عبّاس : نزلت في رجل من المنافقين يقال له : بشر ، كان بينه وبين يهوديّ خصومة ، فقال اليهوديّ : ننطلق إلى محمّد ، وقال المنافق : بل إلى كعب بن الأشرف ، وهو الذي سمّاه الله طاغوتا ، فأبى اليهوديّ أن يخاصمه إلّا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما رأى المنافق ذلك ، أتى معه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لليهوديّ ، فلما خرجا من عنده ، قال المنافق : لا أرضى [بهذا الحكم](١) فانطلق بنا إلى أبي بكر ، فحكم (٢) لليهوديّ ، فلم يرض ، ذكره الزّجّاج.
فلزمه المنافق وقال : انطلق بنا إلى عمر ، فصار إلى عمر ، فقال اليهوديّ [لعمر](٣) اختصمت أنا وهذا إلى محمّد ، فقضى [لي](٤) عليه ، فلم يرض بقضائه ، وزعم أنه يخاصم إليك ، فقال عمر : [للمنافق](٥) أكذلك؟ قال : نعم ؛ فقال لهما : رويدكما حتى أخرج إليكما. فدخل عمر البيت وأخذ السّيف واشتمل عليه ، ثم خرج ، فضرب به المنافق حتّى برد ، وقال : هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء الله ورسوله ، فنزلت هذه الآية (٦).
وقال جبريل ـ عليهالسلام ـ : إن عمر فرّق بين الحقّ والباطل ، فسمّي الفاروق (٧).
وقال السّدّي : كان ناس من اليهود [قد] أسلموا ونافق بعضهم ، وكانت قريظة والنّضير في الجاهليّة ، إذا قتل رجل من بني قريظة [رجلا من بني النّضير قتل به ، أو أخذ ديته مئة وسق من تمر ، وإذا قتل رجل من بني النضير رجلا من قريظة ، لم يقتل به](٨) وأعطى ديته ستّين وسقا ، وكانت النّضير وهم حلفاء الأوس أشرف وأكثر من قريظة ، وهم حلفاء الخزرج ، فلمّا جاء الإسلام ، وهاجر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة قتل رجل من النّضير (٩) رجلا من قريظة (١٠) ، فاختصموا في ذلك ، فقال بنو النّضير : كنّا وأنتم قد اصطلحنا على أن نقتل منكم ولا تقتلون منّا ، وديتكم ستّون وسقا ، وديتنا مئة وسق ، فنحن نعطيكم ذلك.
فقالت الخزرج : هذا شيء كنتم فعلتموه في الجاهليّة ؛ لكثرتكم وقلّتنا فقهرتمونا ، ونحن وأنتم اليوم إخوة ، وديننا ودينكم واحد ، فلا فضل لكم علينا ، فقال المنافقون منهم : انطلقوا بنا إلى أبي بردة الكاهن الأسلميّ ، وقال المسلمون من الفريقين : لا بل
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : فأتوا أبا بكر.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في أ.
(٦) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٤٤٦.
(٧) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٢٠) وعزاه للثعلبي عن ابن عباس وأورده القرطبي في «تفسيره» (٥ / ١٧٠) من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. والبغوي ١ / ٤٤٦.
(٨) سقط في أ.
(٩) في ب : بني النضير.
(١٠) في ب : بني قريظة.