المتقدّمين ؛ لأن الانتقال من نوع من العلوم إلى نوع آخر كأنه ينشّط الخاطر ، وقد تقدّم الكلام في قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ) [البقرة : ٢٥٨] والمراد ب (الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) هم اليهود.
وقال ابن عبّاس : نزلت هذه الآية في حبر (١) من أحبار (٢) اليهود ، كانا يأتيان رأس المنافقين عبد الله بن أبيّ [ابن سلول] ورهطه ، يثبّطونهم (٣) عن الإسلام (٤).
وعن ابن عباس أيضا ؛ قال : نزلت في رفاعة بن زيد ، ومالك بن دخشم ، كانا إذا تكلم رسول الله صلىاللهعليهوسلم لويا (٥) لسانهما ، وعاباه ، فأنزل الله ـ تعالى ـ هذه الآية (٦).
قوله : (مِنَ الْكِتابِ) فيه وجهان :
أحدهما : أنه متعلّق بمحذوف ، إذ هو صفة ل «نصيبا» فهو في محلّ نصب.
والثاني : متعلّق ب «أوتوا» أي أوتوا من الكتاب نصيبا ، و «يشترون» : حال ، وفي صاحبها وجهان :
أحدهما : أنه واو «[أوتوا]» (٧).
والثاني : أنه الموصول وهي على هذا حال مقدرة ، والمشترى به محذوف ، أي : بالهدى ، كما صرح به في مواضع ، ومعنى «يشترون» : يستبدلون الضّلالة بالهدى.
قوله : «ويريدون» عطف على «يشترون».
وقال النّخعي : «وتريدون أن تضلوا» بتاء الخطاب ، والمعنى : تريدون أيها المؤمنون أن تدّعوا الصّواب ، وقرأ الحسن (٨) : «أن تضلّوا» من أضل. وقرىء (٩) «أن تضلّوا السبيل» بضم التّاء وفتح الضّاد على ما لم يسمّ فاعله ، والسّبيل مفعول به (١٠) ؛ كقولك : أخطأ الطّريق ، وليس بظرف ، وقيل : يتعدى ب «عن» ؛ تقول : ضللت السّبيل ، وعن السّبيل ، ثم قال : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ) أي : أعلم بما في قلوبهم وصدورهم من العداوة والبغضاء.
قوله : (وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا) تقدم الكلام عليه أوّل السّورة ، وكذا الكلام في المنصوب
__________________
(١) في أ : خبر.
(٢) في أ : أخبار.
(٣) في أ : يبسطوهم.
(٤) ذكره الفخر الرازي في «التفسير الكبير» (١٠ / ٩٣) عن ابن عباس.
(٥) في ب : لووا.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٤٢٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٠٠) وزاد نسبته لابن إسحق وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في «الدلائل». والبغوي ١ / ٤٣٧.
(٧) سقط في أ.
(٨) ينظر : الدر المصون ٢ / ٣٧١.
(٩) قرأ بها الحسن ، كما في القرطبي ٥ / ٢٤٢. وانظر : الدر المصون ٢ / ٣٧١.
(١٠) في أ : مفعوله.