دخل النار بسبب ذلك القدر من العقاب ، فلو بقي هناك ، لكان ذلك ظلما ، فوجب القطع بأنه يخرج إلى الجنّة.
وقوله : (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً) حذفت النّون تخفيفا ؛ لكثرة الاستعمال ، وهذه قاعدة كلّية ، وهو أنه يجوز حذف نون «تكون» مجزومة ، بشرط ألّا يليها ضمير متّصل ؛ نحو لم يكنه ، وألّا تحرّك النّون لالتقاء الساكنين ، نحو : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) [البينة : ١] خلافا ليونس ؛ فإنه أجاز ذلك مستدلا بقوله : [الطويل]
١٧٩٩ ـ فإن لم تك المرآة أبدت وسامة |
|
فقد أبدت [المرآة](١) جبهة ضيغم (٢) |
وهذا عند سيبويه (٣) ضرورة ، وإنما حذفت النّون لغنّتها وسكونها ، فأشبهت الواو ، وهذا بخلاف سائر الأفعال ، نحو : لم يضنّ ، ولم يهن ؛ لكثرة استعمال «كان» ، وكان ينبغي أن تعود الواو عند حذف هذه النّون ؛ لأنها إنّما حذفت لالتقاء الساكنين ، وقد زال (٤) ثانيهما وهو النّون ، إلا أنّها كالملفوظ بها.
واعلم أن النّون السّاكنة ، إذا وقعت طرفا تشبه حروف اللّين ، وحروف اللّين إذا وقعت طرفا سقطت للجزم ، وقد جاء القرآن بالحذف والاثبات :
أما الحذف : فهذه الآية.
[وأما الإثبات](٥) فكقوله : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً) [النساء : ١٣].
وقرأ الجمهور (حَسَنَةً) نصبا على خبر كان النّاقصة ، واسمها مستتر فيها يعود على مثقال ، وإنّما أنّث ضميره حملا على المعنى ؛ لأنه بمعنى : وإن تكن زنة ذرّة حسنة ، أو لإضافته إلى مؤنّث ، فاكتسب منه التّأنيث.
وقرأ ابن كثير ونافع : «حسنة» رفعا على أنّها التّامّة ، أي : وإن تقع أو توجد حسنة وقرأ ابن كثير (٦) وابن عامر «يضعفها» بالتضعيف ، والباقون : «يضاعفها» قال أبو عبيدة (٧) ضاعفه يقتضي مرارا كثيرة ، وضعّف يقتضي مرّتين ، وهذا عكس كلام العرب ، لأن
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) البيت للخنجر بن صخر الأسدي ينظر خزانة الأدب ٩ / ٣٠٤ ، والدرر ٢ / ٩٦ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٤٢ ، وشرح التصريح ١ / ١٩٦ ، ولسان العرب (كون) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٦٣ ، وأوضح المسالك ١ / ٢٦٩ ، وتخليص الشواهد ص ٢٦٨ ، وشرح الأشموني ١ / ١٢٠ ، والدر المصون ٢ / ٣٦٤.
(٣) ينظر : الكتاب ٢ / ٢٧٩.
(٤) في أ : وقد ترك.
(٥) سقط في أ.
(٦) ينظر : السبعة ٢٣٣ ، والحجة ٣ / ١٦١ ، وحجة القراءات ٢٠٣ ، والعنوان ٨٤ ، وإعراب القراءات ١ / ١٣٤ ، وإتحاف ١ / ٥١٢.
(٧) ينظر : المجاز ١ / ١٢٧.