ويكون بيعها طلاقا فيحل للمشتري وطؤها وهذا قول أبيّ بن كعب وابن مسعود ، وابن عبّاس ، وجابر ، وأنس ـ رضي الله عنهم ـ وقال علي ، وعمر ، وعبد الرحمن بن عوف : إنّ الأمة المزوجة إذا بيعت لا يقع عليها الطّلاق ، وعليه إجماع الفقهاء اليوم ؛ لأنّ عائشة ـ رضي الله عنها ـ لما اشترت بريرة وأعتقتها خيرها النّبي صلىاللهعليهوسلم وكانت متزوجة (١) فلو وقع الطلاق بالبيع لما كان في ذلك فائدة ، وحجة الأوّلين ما روي في قصة بريرة أنّه عليه الصلاة والسّلام قال : «بيع الأمة طلاقها» قالوا : فإذا ملكت الأمة حلّ وطؤها سواء ملكت بشراء ، أو هبة أو إرث ويدل على أنّ مجرّد السّبي يحلّ الأمة قول الفرزدق : [الطويل]
١٧٨٢ ـ وذات حليل أنكحتها رماحنا |
|
حلال لمن يبني بها لم تطلّق (٢) |
يعني : أنّ مجرد سبائها أحلّها بعد الاستبراء ، وإن أريد به الإسلام ، أو العفّة فالمعنى : أنّ المسلمات العفيفات حرام كلهنّ ، [يعني](٣) : فلا يزنى بهن إلا ما ملك منهنّ بتزويج نكاح جديد بعد وقوع البينونة بينهن وبين أزواجهم أو ما ملكت يمين إن كانت المرأة مملوكة ، فيكون المراد بما ملكت أيمانكم (٤) التّسلط عليهن ، وهو قدر مشترك ، وعلى هذه الأوجه الثّلاثة يكون الاستثناء متصلا ، وإذا أريد الحرائر ، فالمراد إلا بما ملكت [أيمانكم](٥) بملك اليمين ويدل عليه قوله بعد ذلك (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) فكان المراد [بالمحصنات هنا هو المراد](٦) هناك ، وعلى هذا ففي قوله (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) وجهان :
الأوّل : أنّ المراد منه إلّا العقد الذي جعله الله تعالى ملكا لكم وهو الأربع.
والثّاني : أنّ الحرائر محرمات عليكم إلا ما أثبت الله لكم ملكا عليهنّ بحضور الولي والشّهود والشّروط المعتبرة في النّكاح ، وعلى هذا [فإنّ](٧) الاستثناء منقطع.
[قوله (مِنَ])(٨)(النِّساءِ) في محلّ نصب على الحال كنظيره المتقدّم.
وقال مكّيّ : فائدة [قوله](مِنَ النِّساءِ) أنّ المحصنات يقع على الأنفس فقوله : (مِنَ النِّساءِ) يرفع ذلك الاحتمال ، والدّليل على أنّه يراد ب «المحصنات» الأنفس قوله (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ). فلو أريد به النّساء خاصّة لما حدّ من قذف رجلا بنصّ القرآن ، وقد أجمعوا على أنّ حدّه بهذا النّص. انتهى.
قال شهاب الدّين : وهذا كلام عجيب ؛ لأنّه بعد تسليم ما قاله في آية النّور كيف يتوهّم ذلك هنا أحد من النّاس.
__________________
(١) في أ : مزوجة.
(٢) تقدم.
(٣) سقط في ب.
(٤) في أ : أيمانهن.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في أ.
(٧) سقط في ب.
(٨) سقط في أ.