خامسها : أنه حال من الضمير المستكن في «خالدين» ـ إذا قلنا : إنه جمع نازل ـ قاله الفارسيّ في التذكرة.
سادسها ـ وهو قول الفرّاء ـ نصبه على التفسير ـ أي التمييز ـ كما تقول : هو لك هبة ، أو صدقة وهذا هو القول بكونه حالا.
والجمهور على ضم الزاي ، وقرأ الحسن ، والأعمش ، والنّخعيّ ، بسكونها (١) ، وهي لغة ، وعليها البيت المتقدم. وقد تقدم أن مثل هذا يكون فيه المسكّن مخففا من المثقل أو بالعكس ، والحق الأول.
قوله : (مِنْ عِنْدِ اللهِ) فيه ثلاثة أوجه ، لأنك إن جعلت «نزلا» مصدرا ، كان الظرف صفة له ، فيتعلق بمحذوف ، أي : نزلا كائنا من عند الله ، أي : على سبيل التكريم ، وإن جعلته جمعا كان في الظرف وجهان :
أحدهما : جعله حالا من الضمير المحذوف ، تقديره : نزلا إياها.
ثانيهما : أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : ذلك من عند الله ؛ نقل ذلك أبو البقاء.
قوله : (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ) «ما» موصولة ، وموضعها رفع بالابتداء والخبر «خير» و «للأبرار» صفة ل «خير» فهو في محل رفع ، ويتعلق بمحذوف ، وظاهر عبارة أبي حيّان أنه يتعلق بنفس «خير» فإنه قال : و «للأبرار» متعلق ب «خير».
وأجاز بعضهم أن يكون «للأبرار» هو الخبر ، و «خير» خبر ثان ، قال أبو البقاء : «والثاني ـ أي : الوجه الثاني ـ : أن يكون الخبر «للأبرار» والنية به التقديم ، أي : والذي عند الله مستقرّ للأبرار ، و «خير» ـ على هذا ـ خبر ثان».
وفي ادّعاء التقديم والتأخير نظر ؛ لأن الأصل في الإخبار أن يكون بالاسم الصريح ، فإذا اجتمع خبر مفرد صريح ، وخبر مؤوّل به بدىء بالصريح من غير عكس ـ كالصفة ـ فإذا وقعا في الآية على الترتيب المذكور ، فكيف يدّعى فيها التقديم والتأخير؟.
ونقل أبو البقاء (٢) ـ عن بعضهم ـ أنه جعل «للأبرار» حالا من الضمير في الظرف ، «خير» خبر المبتدأ ، قال : «وهذا بعيد ؛ لأن فيه الفصل بين المبتدأ والخبر بحال لغيره ، والفصل بين الحال وصاحب الحال بخبر المبتدأ ، وذلك لا يجوز في الاختيار».
قال أبو حيّان : «وقيل : فيه تقديم وتأخير ، أي : الذي عند الله للأبرار خير لهم ، وهذا ذهول عن قاعدة العربية من أن المجرور ـ إذ ذاك ـ يتعلق بما تعلّق به الظرف الواقع
__________________
(١) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٥٥٨ ، والبحر المحيط ٣ / ١٥٤ ، وزاد فيه أنها قراءة مسلمة بن محارب ، وانظر : الدر المصون ٢ / ٢٩٢.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ١٦٤.