وشجونه. ورحم الله أبا فراس الحمداني الشاعر الذي يقول :
إنّ الغني هو الغني بنفسه |
|
ولو انّه عارِ المناكبِ حافي |
والتوكّل على الله ، هو تفويضك أمر التدبير والتقدير إلى العزيز القدير.
وقيل ذات يوم للإمام الحسين عليهالسلام : إنّ أبا ذر يقول : الفقر أحبّ إليَّ من الغنى ، والسَّقم أحبّ إليَّ من الصحّة. فقال عليهالسلام : «رَحِمَ اللهُ تعالى أبا ذرّ. أمّا أنا فأقول : مَنْ اتّكل على حسن اختيار الله تعالى له لم يتمنّ غير ما اختاره الله عزّ وجلّ له» (١).
فلا تشرط على الله إذا كنت متوكّلاً عليه ولا حتّى تتمنّى ، وكلّ منَّا يتمنّى حوائجه ، ولكن إذا كنت في المقام الذي يتحدّث عنه الإمام الحسين عليهالسلام ، فإنّك عند ذلك تدع أمرك إلى الله الحكيم العليم ، وهذا يكون نابعاً من أعماق إيمانك بأنّ الله حكيم ، والحكيم هو الذي يضع الأشياء في مواضعها. وأنت أخي المؤمن ، إذا أيقنت بهذه الحكمة الإلهية ، فإنّك تدع التدبير له ، وتترك نفسك في الدنيا ، وتشتغل بالطاعة والعبادة ، ولا تشغل نفسك بأمور الدنيا وتدبيرها ما دام مولاك (عزَّ وجلّ) الحكيم قد تكفَّل بها.
ولهذا وذاك يقول الإمام الحسين عليهالسلام : «مَنْ عبد الله حقّ عبادته آتاه الله فوق أمانيه وكفايته» (٢). فعليك الطاعة والانقياد لله ، وعليه العطاء والرزق ، وهو أكرم الأكرمين ، فكن على يقين أنّه سيعطيك حتّى يغنيك ، وفوق كلّ أمانيك.
__________________
١ ـ إحقاق الحقّ ١١ ص ٥٩١.
٢ ـ تفسير الإمام العسكري عليهالسلام ص ٣٢٧ ، موسوعة البحار ٧١ ص ١٨٤.