وحولها المحيط الطبيعي ، والنفس قادرة على إصلاح نفسها ، ثمّ بدنها ، ثمّ الاجتماع ثمّ المحيط الاصطناعي ، ثمّ المحيط الطبيعي ، وكما أنّ النفس قادرة على التحريك باتجاه البناء هي قادرة على تخريب الكلّ.
والمجتمع إنّما يتولّد من نقطة البدء ، فاللازم في علم الاجتماع أن نبدأ من هنا ، ونبني الهيكل الاجتماعي الصحيح من النفس النقيّة النظيفة (١).
والإنسان خُلق اجتماعياً بالطبع ، لا لحاجاته الجسدية فقط ، بل لحاجاته النفسية كذلك ، حيث الإنسان يستأنس بالإنسان ، ويستوحش لفقده ، كان الإنسان يؤثر بالإنسان الآخر ؛ سواء كانا فردين أو مجتمعين (٢).
والإسلام يؤمن أنّ بناء المجتمع على أساس القيم الصحيحة والعمل الصالح يُعطيه ديناميكية وحركة في الاتجاه الصحيح ، وعكس ذلك صحيح أيضاً ، وهذا المفهوم هو عبارة عن واحدة من السنن الطبيعية التي تنطبق على المجتمع البشري عامّة ، فالمجتمع مثل النهر يمتلك طاقات هائلة ، إذا ما وجِّهت في الاتجاه السليم ، وحُفِرت لها قنوات ملائمة ، تحرّكت هذه الطاقات عبر القنوات كلّ بقدرها ، وغذّت المجتمع ، وأعطى بالتالي ثماراً طيّبة ، ولكن إذا كانت هذه القنوات غير سليمة ومتناقضة الاتجاهات ، فإنّ المجتمع سرعان ما يتحطّم ويموت.
وبكلمة أُخرى : نجد أنّ المجتمع البشري هو عبارة عن جسم حيّ مدرك ، له حياته الخاصّة ، ولحياته نظامها الخاصّ ، وهو يتّصف بالتوازن مثلما يتّصف
__________________
١ ـ موسوعة الفقه (الاجتماع) ـ للإمام الشيرازي ١٠٩ ص ٧.
٢ ـ المصدر نفسه ١٠٩ ص ٣٩.