ويصدّق إيمانَه اهتمامُه بالمحتاجين والفقراء في مجتمعه ، ومهما بلغ الإنسان من العلم ، أو اجتهد في العبادة ، فإنّه لن تتحقّق إنسانيته ، ولن يصح تدينه إذا ما تجاهل مناطق الضعف في المجتمع. ألم يقل ربّنا سبحانه : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) (١).
فالذي يهمل الأيتام ، ولا يبالي بجوع الفقراء مكذّب بالدين ، وغير صادق في ادّعائه التديُّن وإن بالغ في صلاته وعبادته ، بل هو مستحق للويل والعذاب : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) (٢).
والإمام الحسين عليهالسلام كأهل بيته الطاهرين عليهمالسلام ، كانوا يعيشون للناس أكثر ممّا يعيشون لأنفسهم ، فهم مصداق الآية الكريمة : (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) (٣) ، وفيهم نزلت.
لقد كان الإمام الحسين عليهالسلام طوال حياته الشريفة ملاذاً للفقراء والمحرومين ، وملجأ لِمَنْ جارت عليه الأيام ، وكان يثلج صدور وقلوب الوافدين إليه بهباته وعطاياه السنية. ويقول عنه كمال الدين بن طلحة : وقد اشتهر النقل عنه أنّه كان يُكرم الضيف ، ويمنح الطالب ، ويصل الرحم ، ويُسعف السائل ، ويكسي العاري ، ويُشبع الجائع ، ويعطي الغارم ، ويشدُّ من أزر الضعيف ، ويشفق على
__________________
١ ـ سورة الماعون : الآية ١ ـ ٢.
٢ ـ سورة الماعون : الآية ٤ ـ ٧.
٣ ـ سورة الحشر : الآية ٩.