لهُ الفضلَ عليك» (١).
هذا هو الأدب الإنساني الرفيع الذي لا يرى أحد في نفسه فضلاً على أحد من خلق الله ، وهذا يعبّر عن قمّة في الإنسانيّة من جانبي السلب والإيجاب.
فالإنسان بصير بنفسه ، خبير بأحواله كلّها ، وربّنا سبحانه يقول : (بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) (٢).
والحديث الذي صار يشبه بمثل من الأمثال وهو (رحم الله امرأً عرف قدر نفسه) ، فالإمام الحسين عليهالسلام يشير لنا إلى هذه الحقيقة الناصعة.
والحقيقة الأُخرى أنّك على ظنّ أو شك من أحوال أخيك الإنسان الذي تلتقيه ، وعلى يقين من أحوال نفسك ، فكيف تقدّم الشك على اليقين؟
وهذه قمّة التواضع لخلق الباري (عزّ وجلّ) ، ولا يأتي إلاّ من تجربة تربويّة عاليّة جدّاً ؛ ولذا يقول سبط الرسول الحسين عليهالسلام موجّهاً ومربّياً أصحابه على هذا الخلق العظيم :
«إيّاكَ وما تعتذرُ منه ؛ فإنَّ المؤمنَ لا يُسيء ولا يعتذرُ ، والمنافقُ كلَّ يومٍ يُسيء ويعتذرُ» (٣).
فإذا أردت أن تكون تلميذاً في مدرسة المولى أبي عبد الله الحسين عليهالسلام فعليك أن تحترز من أيّ عمل يمكن أن تعتذر منه. أي العمل الذي يعيب ، أو
__________________
١ ـ موسوعة كلمات الإمام الحسين عليهالسلام ص ٧٥٠ ح٩١٠ ، جمال الخواطر ٢ ص ٧٥.
٢ ـ سورة القيامة : الآية ٧٥.
٣ ـ تحف العقول ص ١٧٩ ، موسوعة البحار ٧٨ ص ١٢٠.